وما كنت أدري قبل عزّة ما البكا |
|
ولا موجعات القلب حتّى تولّت |
«موجعات» مفعول به منصوب بالكسرة عوضا عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم ، وهو معطوف بالواو على محل الجملة الاسميّة «ما البكا» من الإعراب. ومثل : «علمت للمحبّة خير والبغضاء شرا» فقد عطفت كلمة «البغضاء» على محل جملة «للمحبة خير» التي تقع مفعولا به ، ويجوز أن تكون «البغضاء» بالرّفع بالعطف على «المحبة» فترفع مثلها. وقد علّق عمل الناسخ لدخول لام الابتداء بعده. لا يقع التعليق في الأفعال القلبيّة الجامدة مثل : «تعلّم ، هب» ، ولا في «رأى الحلمية».
ملاحظة : إن التّعليق بالاستفهام لا يقتصر على الفعل القلبي الذي ينصب مفعولين إنّما يتعدّاه الى الفعل القلبي الذي ينصب مفعولا واحدا ، مثل : «نسى» و «عرف» مثل :
ومن أنتمو إنا نسينا من أنتمو |
|
وريحكمو! من أيّ ريح الأعاصير |
ويتعدّاه أيضا الى الفعل القلبيّ اللّازم ، مثل : «تفكر» ، كقوله تعالى : (أَوَلَمْ يَتَفَكَّرُوا ما بِصاحِبِهِمْ مِنْ جِنَّةٍ)(١) فالتعليق هنا عن الجار والمجرور لأنه بمنزلة المفعول به. ويتعدّاه الى الفعل غير القلبيّ ، أي الى أفعال لا حصر لها ، كقوله تعالى : (فَسَتُبْصِرُ وَيُبْصِرُونَ بِأَيِّكُمُ الْمَفْتُونُ)(٢) وكقوله تعالى : (يَسْئَلُونَ أَيَّانَ يَوْمُ الدِّينِ)(٣) وكقوله تعالى : (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ)(٤).
ثالثا : إلغاء عملها ، أي : تعليق العمل لفظا ومحلّا تعليقا جائزا لا واجبا ، ولا يصح أن يمتنع العمل عن معمول واحد دون الآخر.
ويمتنع العمل إذا توسّط النّاسخ بين المفعولين بغير فاصل آخر بعده ، ويكون للناسخ ثلاث حالات : الأولى : أن يتقدّم عنهما ، فيعمل مطلقا أي :ينصب المبتدأ والخبر مفعولين به مثل : «ظننت زيدا مسافرا» ، وكقول الشاعر :
أرجو وآمل أن تدنو مودّتها |
|
وما إخال لدينا منك تنويل |
ففي هذا البيت احتمالات ثلاثة : تقتضي الأولى بإعمال الناسخ «إخال» على تقدير : إخاله لدينا منك تنويل. «فالهاء» ضمير الشأن هو المفعول الأول والجملة الاسميّة «لدينا منك تنويل» هي المفعول الثاني ، وتقتضي الثانية بتعليق العمل بتقدير : لام مقدّرة بعده أي : وما إخال للدينا ... وتقتضي الثالثة إلغاء عمل الناسخ لتوسّطه بين «ما» النافية والمنفيّ بها.
الثانية : الإلغاء لتوسّطه بين مفعوليه ، أو الإعمال ، مثل : «زيد ظننت مسافر» حيث ألغى عمل «ظننت» لتوسطه بين مفعوليه ، ونعرب «زيد» : مبتدأ. «مسافر» : خبره ؛ ومثل :
أبالأراجيز يا بن اللّؤم توعدني |
|
وفي الأراجيز خلت اللّؤم والخور |
وفي هذا البيت ألغي عمل «خلت» لتوسطه بين مفعوليه والأصل : خلت اللّؤم والخور في الأراجيز. «اللؤم» : مفعول به أول : والجار والمجرور مفعوله الثاني. ومثل :
شجاك أظنّ ربع الظّاعنين |
|
ولم تعبأ بعذل العاذلينا |
__________________
(١) من الآية ١٨٤ من سورة الأعراف.
(٢) من الآيتين ٥ و ٦ من سورة القلم.
(٣) من الآية ١٢ من سورة الذّاريات.
(٤) من الآية ٥٣ من سورة يونس.