«رأيت عظمة الخالق في مخلوقاته» فالجار والمجرور مفعوله الثاني ومثل :
إني إذا خفي الرّجال وجدتني |
|
كالشّمس لا تخفى بكل مكان |
حيث أتى المفعول الثاني شبه جملة «كالشمس» والمفعول الأول هو «الياء».
ومما تنفرد به «ظنّ» وأخواتها عن النّواسخ أربعة أشياء وتكمن في :
أولا : إعمالها كلّها أي : دخولها على المبتدأ والخبر ونصبهما مفعولين ، ولا فرق بين أن يكون الفعل متصرفا ، مثل : «علم» و «رأى» ، أم غير متصرّف مثل : «هب» ، «تعلّم» ، كقول الشاعر :
بأيّ كتاب أم بأيّة سنّة |
|
ترى حبّهم عارا عليّ وتحسب |
حيث أتى المفعول الأول لفعل «ترى» هو كلمة «حبّهم». والثاني هو «عارا» ومثل :
أراهم رفقتي حتى إذا ما |
|
تجافى اللّيل وانخزل انخزالا |
حيث أتى الفعل «أراهم» وقد نصب مفعولين : الأول : الضمير «هم» والثاني الاسم «رفقتي».
ثانيا : تعليق عملها ، أي : ابطاله لفظا لا محلّا ، وذلك : إذا فصل بينها وبين مفعوليها فاصل مما له حقّ الصّدارة ، وهذا الفاصل قد يكون «لام» الابتداء ففي مثل قولك : «علمت العلم نافعا» ، تقول : «علمت للعلم نافع» «العلم» : مبتدأ. خبره ، «نافع» ، والجملة الاسميّة سدّت مسدّ مفعولي «علمت» وقد علّق عمل «علمت» فلم تنصب المفعولين مباشرة لأنه فصل بينها وبينهما فاصل هو «لام» الابتداء.
وقد يكون الفاصل أداة استفهام ، كالهمزة في قوله تعالى : (وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ)(١) فقد فصلت همزة الاستفهام بين «أدري» ومفعوليها فعلّق عملها.
وقد يكون الفاصل كلمة «أي» التي هي عمدة في الجملة ، كقوله تعالى : (لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى)(٢) وفيها علق عمل «نعلم» لأنه فصل بينها وبين معموليها «أيّ» وتعرب مبتدأ ، وخبره «أحصى».
وقد يكون الفاصل كلمة «أي» التي هي فضلة ، كقوله تعالى : (وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنْقَلَبٍ يَنْقَلِبُونَ)(٣) «أيّ» : مفعول مطلق منصوب. وقد يكون الفاصل «لام» القسم ، كقول الشاعر :
ولقد علمت لتأتينّ منيّتي |
|
إنّ المنايا لا تطيش سهامها |
حيث دخلت «لام» القسم بين الفعل «علمت» ومفعوليها ، فلم تنصبهما والجملة «لتأتين منيتي» التي هي جواب القسم سدّت مسدّ مفعولي «علمت» وقد يكون الفاصل إحدى أدوات النفي :«ما ، لا ، إن» فقط كقوله تعالى : (لَقَدْ عَلِمْتَ ما هؤُلاءِ يَنْطِقُونَ)(٤) حيث فصل بين علمت ومفعوليها «ما» النافية. ومثل : «علمت إن زيد قائم» حيث دخلت «إن» على الناسخ «علمت» فعلّق عن العمل. ومثل : «ألفيت لا الكسلان محبوب ولا الكذّاب» دخلت «لا» على معمولي «علمت» ففصلت بينهما وكفت الناسخ عن العمل.
ويصح في التّوابع مراعاة الظّاهر ، أي : اللفظ ، أو مراعاة المحل ، كقول الشاعر :
__________________
(١) من الآية ١٠٩ من سورة الأنبياء.
(٢) من الآية ١٢ من سورة الكهف.
(٣) من الآية ٢٢٧ من سورة الشعراء.
(٤) من الآية ٦٥ من سورة الأنبياء.