ضمير ومضمر بمعنى واحد ، وقديما كانا يسميان : الكناية والمكنّى ، ولا بدّ في الضمير أن يكون اسما وجامدا معا ، واسميّته تعود الى انطباق بعض علامات الاسم عليه كقبوله الجرّ ، مثل :«إليه» ، «فيه» ، «عنه» ، والإسناد في ضمائر الرّفع مثل : «قمت» ، «قمت» ، «قمتم» ، والمفعوليّة في ضمائر النّصب ، مثل : «دعاني الواجب» «وسرّني النجاح» وهناك كلمات تدل على الغائب والمخاطب والمتكلّم ولا تسمّى ضميرا ، لأنها حرف ، وليست أسماء ، مثل قول العرب : «النّجاءك» ، بمعنى «النجاء لك» أو «النجاة لك».
فالكاف ليست ضميرا رغم أنها تدل على الخطاب ، ومثل : «النّجائي» ، و «النّجاءة» بمعنى : النّجاة لي والنّجاة له. وتكون كلمة «النجاء» إما مفعولا به لفعل محذوف تقديره : «اطلب» أو اسم فعل أمر بمعنى : «أسرع». ويقال هو اسم جامد لأنه لا أصل له ، ولا هو مشتق من مصدر.
وهناك كلمات تدل على ما يدل عليه الضمير ولا تسمّى ضميرا لعدم جمودها مثل : «متكلم» فانها تدل على التكلم ، وكلمة «مخاطب» تدل على التخاطب ، وكلمة «غائب» تدل على غياب ، وكلها لا تسمّى ضميرا لأنها مشتقّة وغير جامدة.
٢ ـ حكم اتصال الضمير بعامله وانفصاله عنه :
إذا احتاج الكلام إلى ضمير متّصل أو منفصل وجب تفضيل المتصل ، ولا يجوز العدول عن ذلك التفضيل إلا بحالات خاصة منها :
١ ـ إذا كان الفعل مما ينصب مفعولين ونصبهما ضميرين الأول أقوى من الثاني يصح أن يكون الثاني متصلا أو منفصلا ، مثل الفعل «ظنّ» الذي ينصب مفعولين أصلهما مبتدأ وخبر ، فإن كانا ضميرين يقدم الأقوى أي : المتكلم. ثم المخاطب ، ثم الغائب ، كقوله تعالى : (فَسَيَكْفِيكَهُمُ اللهُ)(١) وكقوله تعالى : (أَنُلْزِمُكُمُوها)(٢) في الآية الأولى ضميران للنصب فاتصل الثاني «الكاف» ضمير المخاطبة ثم «الهاء» للغائبين وفي الآية الثانية وفيها أيضا ضميران متصلان في محل نصب. وتقدم ضمير المخاطب على ضمير الغائب. وكقول الشاعر :
أخي حسبتك إيّاه وقد ملئت |
|
أرجاء صدرك بالأضغان والإحن |
حيث ورد الفعل «حسب» المتعدّي إلى مفعولين ضميرين فاتصل ضمير المخاطبة المفعول الأول «الكاف» وانفصل الثاني «إيّاه» ضمير الغائب. ومثله أيضا : «إن الله ملّككم إيّاهم» ومثل :
بلّغت صنع امرىء برّ إخالكه |
|
إذ لم تزل لاكتساب الحمد مبتور |
حيث ورد الفعل «إخالكه» واتّصل بضميرين مفعولين «الكاف» ثم «الهاء» أي ضمير المخاطب ثم ضمير الغائب.
٢ ـ إذا اجتمع ضميران الأول للرفع والثاني للنّصب وجب وصل الثاني ، أي : الأضعف بعامله ، إذا كان فعلا مثل : «الدّرس أحببته» فالفعل «أحببته» اتصل به ضميران الأول للرفع هو «التاء» والثاني للنصب وهو «الهاء». أما إذا كان العامل اسما ، جاز الأمران ، مثل : «عجبت من حبّي إيّاه» فقد انفصل الضمير «إيّاه» الذي محله النصب ، واتصل بالعامل الاسم «حبي» ضمير الفاعل وهو «ياء» المتكلم ، ومثل : «أردت إكراميك» حيث اتصل الاسم «إكراميك» بضميرين الأول هو «ياء»
__________________
(١) من الآية ١٢٧ من سورة البقرة.
(٢) من الآية ٢٨ من سورة هود.