دائما في تعيين مدلوله ، وإيضاح المراد منه ، إلى ما يزيل إبهامه مما يسمّى «الصّلة» وتأتي «ذا» اسم موصول بشروط ، منها :
أولا : ألّا تكون للإشارة ، مثل : «ماذا الكسل» «ومن ذا النّاجح» «ذا» ليست موصولة في المثلين لأنها تدل على الإشارة إلى «الكسل» في المثل الأول وإلى «الناجح» في المثل الثاني.
ثانيا : ألا تكون ملغاة وذلك في أحد أمرين :
١ ـ تكون زائدة مع «من» و «ما» الاستفهاميّتين ، على رأي الكوفيين وابن مالك.
٢ ـ وتكون مع «من» و «ما» اسما واحدا للاستفهام ، وتحتمل عندئذ أربعة وجوه :
أـ أن تكون «ما» استفهاميّة و «ذا» اسم إشارة مثل : ماذا البخل؟ من ذا القارىء.
ب ـ أن تكون «ما» استفهاميّة و «ذا» اسم موصول. وفي هذا يقول سيبويه : هذا باب إجرائهم «ذا» وحده بمنزلة «الذي» ، وليس يكون كالذي إلا مع «ما ومن» الاستفهاميّتين ، فيكون «ذا» بمنزلة «الذي» ويكون «ما» حرف استفهام ، وإجراؤهم إيّاه مع «ما» بمنزلة الاسم الواحد ، مثل : «ماذا رأيت؟» فتكون «ما» اسم استفهام في محل رفع مبتدأ ، «ذا» اسم موصول خبر المبتدأ.
والجواب : «خير» فتكون «خير» بدلا من «ما» التي هي في محل رفع مبتدأ ، وكقول الشاعر :
ألا تسألان المرء ما ذا يحاول |
|
أنحب فيقضى أم ضلال وباطل |
ج ـ أن تكون مع «ما» اسما واحدا مستفهما وفي هذا يقول سيبويه : وأمّا إجراؤهم إيّاه ، أي «ذا» مع «ما» الاستفهاميّة بمنزلة اسم واحد فهو قولك «ماذا رأيت؟» والجواب خيرا. فتكون «ماذا» : اسم استفهام في محل نصب مفعول به مقدم. «خيرا» بدلا منه.
وكقوله تعالى : (ما ذا أَنْزَلَ رَبُّكُمْ قالُوا خَيْراً)(١) حيث تكون «ماذا» اسم استفهام هو مفعول به لفعل «أنزل» «خيرا» بدل منه ، وتكون «ذا» ملغاة.
د ـ أن تكون مع «ما» اسما واحدا خبريا فتكون إمّا موصولة ، وإمّا زائدة ملغاة كقوله تعالى : (يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ قُلِ الْعَفْوَ)(٢) على تقدير : «العفو» وتكون «ذا» اسم موصول في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو اسم الاستفهام «ما» و «العفو» بدل من «ما». أو على تقدير «العفو» وهما قراءتان وتكون «ذا» ملغاة وتكون «ماذا» اسم استفهام في محل نصب مفعول به ، «العفو» بدلا منه ، ويعتبر بعض النحويّين «ذا» من «ماذا» التي هي اسم واحد للاستفهام ، حرفا ملغى مثل :ماذا فعلت؟ أخيرا أم شرّا. فتكون «ما» مع «ذا» اسما واحدا و «ذا» حرف لغو. و «ما» في محل نصب مفعول به لفعل «فعلت» والمعنى : فعلت أيّ شيء. «خيرا» بدل من «ما». وان جعلت «ما» اسم استفهام مبتدأ و «ما» ، بمعنى : «الذي» خبره فيكون المعنى : ماذا فعلت أخير أم شرّ والتقدير :ما الذي فعلت أهو خير أم شرّ ، وتكون «خير» بدلا من «ما». ويرفض آخرون كون «ذا» ملغاة بقولهم : لو كان «ذا» لغوا لما قالت العرب : عمّا تسأل؟ ولقالوا : عمّ ذا تسأل؟ كأنهم قالوا عمّ تسأل؟ ولكنهم جعلوا «ما» و «ذا» اسما واحدا ، ولا يرى سيبويه أن تكون «ذا» ملغاة في جعلها مع «ما» استفهاما ، بل يرى «ماذا» كلها استفهاما ، لا «ما» وحدها استفهام و «ذا» ملغاة ، كما لا تكون «ذا» بمعنى «الذي» أبدا ومثل : «ماذا» ، تكون
__________________
(١) من الآية ٣٠ من سورة النحل.
(٢) من الآية ٢١٩ من سورة البقرة.