ظُلْمِهِمْ)(١) أي : مع ظلمهم ويأخذ حرف «اللّام» معنى مجازيا هو البعديّة في قوله تعالى : (أَقِمِ الصَّلاةَ لِدُلُوكِ الشَّمْسِ)(٢) أي : بعد دلوك. كما يأخذ معنى مجازيا هو معنى «قبل» في مثل : «توفي والدي لليلة بقيت من شهر شوّال» أي : قبل انتهاء شهر شوال بليلة واحدة ؛ هذا على سبيل المجاز.
أما على سبيل التّضمين أي : إيقاع لفظ موقع غيره ومعاملته معاملته لتضمنه معناه واشتماله عليه ؛ كالتضمين في قوله تعالى : (أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيامِ الرَّفَثُ إِلى نِسائِكُمْ)(٣) ، فكلمة الرّفث تتضمن كل ما يريد الرجل من امرأته على سبيل الاستمتاع بها من غير كناية ، ومع ذلك عدّي هذا المصدر بـ «إلى» إيذانا بأنّ الرّفث بمعنى :«الإفضاء» برأي البصريين.
والمذهب الثاني هو أن الحرف ليس إلا كلمة كسائر الأسماء والأفعال وكلّ منها يؤدي معاني حقيقية كثيرة لذلك فإن قصر الحرف على معنى حقيقي واحد فيه الكثير من التّعسّف وعلى هذا الرّأي أكثر النحويين ، ومنهم الكوفيّون ، والمذهبان يتفقان في عدم جواز إحلال حرف محل آخر إلا في المواضع الدّاعية إليه والمسوّغة له.
حروف الجرّ الزّائدة
الحروف الزّائدة ، زيادة محضة هي التي لا تجلب معنى جديدا إنّما يؤتى بها لتقوية المعنى وتأكيده ، سواء أكان المعنى إيجابيا مثل : «كفى بالله شهيدا» أو سلبا مثل : «وما الله بظالم للعباد» فـ «الباء» زائدة وكلمة الجلالة «الله» فاعل «كفى» في المثل الأول. وهي زائدة في المثل الثاني وكلمة «ظالم» خبر «ما» المشبهة بليس. وكذلك «اللّام» في «للعباد» زائدة. والفعل «ظلم» متعدّ بنفسه ، ومثله اسم الفاعل «ظالم» وعدي إلى المفعول بواسطة حرف الجر «اللام». والتقدير : بظالم العباد. و «الباء» و «اللام» حرفا جر زائدان لا يتعلقان بشيء ولا يتأثر المعنى بالحذف وقد يتواجد الحرف الزائد في أول الجملة مثل :«بحسبك النضال». أو في وسطها مثل : «كفى بالعلم حلية» ، أو في آخرها مثل : «النضال بحسبك» ، وقد تكون زيادة الحرف لا غنى عنها كما في صيغة التّعجب ، مثل : «أكرم بالأدب حلية». ولا يتعلق حرف الجر الزائد بالعامل ، والاسم المجرور له محل آخر من الإعراب.
«بحسبك» في المثل الأول في محل رفع مبتدأ.
وخبره النضال. وفي الثاني بـ «العلم» في محل رفع فاعل «كفى» «حلية» : تمييز منصوب. وفي الثالث بـ «الأدب» في محل رفع فاعل «أكرم».
حروف الجرّ الشّبيهة بالزّائدة
هي التي تجرّ الاسم لفظا ويكون له محل آخر من الإعراب فهي مثل الحروف الزائدة ، لا تعلّق لها بالعامل ، كقول الشاعر :
وربّ أسيلة الخدّين بكر |
|
مهفهفة لها فرع وجيد |
وفيه «ربّ» حرف جرّ شبيه بالزائد. «أسيلة» اسم مجرور لفظا مرفوع محلا على أنه مبتدأ.
ويشبه الحرف الشبيه بالزّائد الحرف الأصلي من وجهين : الأول ، هو جرّ الاسم والثاني : إفادة معنى جديد في الجملة.
ويفترقان من وجهين : الأول ، هو أن الحرف
__________________
(١) من الآية ٦ من سورة الرّعد.
(٢) من الآية ٧٨ من سورة الإسراء.
(٣) من الآية ١٨٧ من سورة البقرة.