جياد بني بكر تسامى |
|
على كان المسوّمة العراب |
حيث فصل الفعل «كان» الزائد بين حرف الجر «على» والاسم المجرور «المسوّمة».
١٦ ـ قد يحذف حرف الجر مع الاسم المجرور إذا لم يتعلّق العرض بذكرهما ، أو إذا دلّت عليهما قرينة تعيّن مكانهما وتمنع اللّبس ، كقوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً) والتقدير : لا تجزي فيه نفس عن نفس شيئا.
بدل حرف جر من حرف جر آخر : الأصل أن لكل حرف جر معنى خاصا يقفز إلى الذّهن لمجرد التّفوّه به ، فإذا قلنا : «أمسكت بيد الأعمى» لتبادر إلى الذّهن أن المقصود بـ «الباء» الإلصاق وقول الشاعر :
إن الذين اشتروا دنيا بآخرة |
|
وشقوة بنعيم ساء ما فعلوا |
لعرفنا أن «الباء» تعني «البدليّة». وفي قوله تعالى : (عَيْناً يَشْرَبُ بِها عِبادُ اللهِ) «الباء» تعني البعضيّة. ولكن قد يؤدي حرف الجر معنى آخر مجازيا أو تضمينيا غير معناه الأصلي ، فقول القائل : «من الناس من إن تأمنه بدينار يؤدّه إليك ومنهم من إن تأمنه بذهب يخون الأمانة».
ف «الباء» هنا استعملت في غير معناها الحقيقي ، وهي بمعنى «على» ، فالمعنى مجازي ، وقد يكون المعنى تضميني على تقدير فعل آخر يؤدي المعنى المراد ، فتقول : «خبأت». فالمعنى المراد : «من الناس من إن خبّات عنده دينارا» ...
ومثل قوله تعالى : (وَيَوْمَ تَشَقَّقُ السَّماءُ بِالْغَمامِ) فـ «الباء» هنا تعني «عن» فاستعملت مجازا بغير معناها الحقيقي ، أما المعنى التضميني فعلى اختيار فعل آخر يؤدي المعنى المراد ، والتقدير : تظهر الغيوم في السّماء. وكلّ هذا يتوقف على دلالة الحرف في المعنى بحيث يفهمه السّامع بغير غموض. ويمكن أن يقتصر الحرف على معناه الحقيقي وهذا الأغلب ، لكن بما أن الحرف أحد أقسام الكلمة الثلاثة ، وكلّ من الاسم والفعل يستعمل في معناه الحقيقي والمجازي ، فجريا عليهما يستعمل الحرف في معناه المجازي أو التضمينيّ وفاقا لما يجري على نظائره ، وذهب النحاة في نيابة حرف جر عن آخر مذهبين :
المذهبان في نيابة حرف جر عن آخر :
المذهب الأول : يقول إن لكل حرف جر معنى واحدا حقيقيا لا غير يؤدّيه على سبيل الحقيقة لا المجاز. فالحرف «عن» يفيد المجاوزة ، مثل :«ذهبت عن البلد» وهذا معناه الحقيقي ، والحرف «على» يفيد معنى حقيقيا هو الاستعلاء ، و «اللّام» يفيد معنى حقيقيا هو الملك ... فإذا أدى الحرف معنى غير معناه الأصلي كان ذلك على سبيل المجاز ، أو على سبيل التضمين. فإذا قلنا :«رميت عن القوس» كان معنى «عن» مجازا المجاورة والاستعانة. وتكون بمعنى مجازي أيضا ، في قوله تعالى : (وَاتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً)(١) فمعناها المجازي هو البدليّة. ويأخذ الحرف «على» معنى «مجازيا» هو المجاوزة في قول الشاعر :
إذا رضيت عليّ بنو قشير |
|
لعمر الله أعجبني رضاها |
حيث «أتت» الكلمة «عليّ» بمعنى «عني» ويأخذ معنى مجازيّا آخر هو المصاحبة كما في قوله تعالى : (وَإِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ لِلنَّاسِ عَلى
__________________
(١) من الآية ٤٨ من سورة البقرة.