توكيد الضمير المنفصل : أمّا إذا أريد توكيد الضّمير المرفوع المنفصل بـ «نفس» أو «عين» فيكون توكيده بلا فاصل كتوكيد الاسم الظّاهر ، فتقول : «أنت نفسك قدمت لزيارتي». ولا بدّ من اتصال «نفس» و «عين» بالضّمير المطابق المؤكّد ، مثل : «أنتما أعينكما أو عينكما أو عيناكما أو بأعينكما قدمتما لزيارتي».
التوكيد اللفظي : التوكيد اللّفظي هو تكرار اللّفظ المؤكّد بنصّه أي : بحروفه كلّها. ولا بأس أن يدخل على هذا التنصيص بعض التّغيير ، كقوله تعالى : (فَمَهِّلِ الْكافِرِينَ أَمْهِلْهُمْ رُوَيْداً)(١) فكلمة «مهّل» المؤكّد ولفظة «أمهل» المؤكّد جرى عليهما بعض التّغيير. والضمير «هم» العائد على «الكافرين» لا محلّ له من الإعراب. ويجوز أن يكون التّوكيد اللّفظيّ بلفظ مرادف للمؤكّد ، أي : لفظ يؤدّي معنى المؤكّد ويخالفه في حروفه ، مثل : «الفضة واللّجين» ، الذّهب والتّبر ، «نعم وجير» ، ومثل : أنت حقيق قمن. فكلمة «حقيق» ترادف «قمن» ومعناهما :جدير.
والمؤكّد المتبوع قد يكون اسما ، مثل :«الكتاب الكتاب حافظ عليه» ، أو فعلا مثل : «قام قام الولد» ، أو حرفا ، مثل : «بلى بلى ، أيّها الصديق» ، أو جملة فعليّة مثل : «نجح أخوك نجح أخوك في الامتحان» ، أو جملة اسميّة ، مثل :«النتيجة مؤاتية النتيجة مؤاتية في الامتحان النهائي» ، ومثل قول الشاعر :
هي الدّنيا تقول بملء فيها |
|
حذار حذار من بطشي وغدري |
وفيه : «حذار» : اسم فعل ، «حذار» الثانية توكيد للأولى. كقول الشاعر :
لا ، لا أبوح بحبّ بثنة إنّها |
|
أخذت عليّ مواثقا وعهودا |
وفيه : حرف الجواب «لا» الثاني توكيد للحرف «لا» الأول ، وكقول الشاعر :
وقلن على الفردوس أول مشرب |
|
أجل جير أن كانت أبيحت دعاثره |
وفيه : «أجل» حرف جواب بمعنى «نعم» ، «جير» بمعنى «نعم» توكيد «أجل». وكقول الشاعر :
ألا حبّذا حبّذا حبّذا |
|
صديق تحمّلت منه الأذى |
وفيه تكررت صورة المؤكّد «حبذا» ثلاث مرات وكقول الشاعر :
ألا يا اسلمي ثمّ اسلمي ، ثمّت اسلمي |
|
ثلاث تحيات وإن لم تكلّمي |
ولا يجوز تكرار المؤكّد أكثر من ثلاث مرّات.
أغراضه : للتّوكيد اللّفظيّ أغراض متعدّدة منها :
١ ـ تمكين السّامع من كلام لم يسمعه أو لم ينتبه إليه ، مثل نجح أخوك نجح ...
٢ ـ تهديد السّامع من أمر لم يتبيّنه ، كقوله تعالى : (كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ ثُمَّ كَلَّا سَوْفَ تَعْلَمُونَ)(٢).
٣ ـ تهويل الأمر على السّامع ، كقوله تعالى : (وَما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ)(٣).
__________________
(١) من الآية ١٧ من سورة الطّارق.
(٢) من الآيتين ٣ و ٤ من سورة التكاثر.
(٣) من الآيتين ١٧ و ١٨ من سورة الانفطار.