أي : الدلالة على السّببيّة ويكون ذلك في عطف الجمل ، مثل : دعا العدوّ الجنديّ فقتله ، وكقول الشاعر :
وربّما استحال السّعد نحسا |
|
فذاق المعتدي مما أذاقه |
وفي المعطوف المشتقّ ، مثل : «أنتم أيّها الطّلّاب ثقوا بأنفسكم فادرسوا فاجتهدوا فأنتم النّاجحون».
٤ ـ أحكام الفاء : لا يجوز أن يفصل بينها وبين المعطوف بها فاصل إلّا في الضرورة الشّعريّة وتعطف المفردات ، مثل : دخل الصفّ خليل فسليم فزيد ... كما تعطف الجمل ، مثل : أقبل فصل الشّتاء فاشتدّت الرياح فالرّعود فالبروق ...
وكقوله تعالى : (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا أَفَلا تَعْقِلُونَ)(١).
وتختص الفاء بأنها تعطف جملة لا تصلح أن تكون صلة (٢) ولا خبرا ولا نعتا ولا حالا على جملة تصلح لذلك ، والعكس بالعكس أي :تعطف جملة تصلح أن تكون صلة ، أو نعتا ، أو خبرا ، أو حالا ، على جملة لا تصلح لذلك.
مثل : «الذي نجح ففرح الأب مريض» وكقوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللهَ أَنْزَلَ مِنَ السَّماءِ ماءً فَتُصْبِحُ الْأَرْضُ مُخْضَرَّةً)(٣) وفيها عطفت «الفاء» جملة «فتصبح الأرض مخضرّة» التي لا تصلح أن تكون خبرا على جملة «أنزل من السماء ماء» التي تقع خبر «أنّ» وكقول الشاعر :
إنسان عيني يحسر الماء تارة |
|
فيبدو وتارات يجمّ فيغرق |
وفيه عطفت «الفاء» جملة «فيبدو» الواقعة خبر المبتدأ على جملة «يحسر الماء» التي لا تصلح أن تكون خبرا للمبتدأ لخلوّها من العائد ، ومثل :«هذا معلم سهر على مصلحة طلّابه فنجح الطلاب» حيث عطفت الفاء جملة «فنجح الطّلّاب» التي لا تصلح أن تكون نعتا على الجملة «سهر على مصلحة طلّابه» الواقعة نعتا ومثل : «هذا معلم فرح الناس فزاد أسباب الفرح» فقد عطفت الفاء جملة «زاد أسباب الفرح» التي تصلح أن تكون نعتا على الجملة «فرح النّاس» التي لا تصلح أن تكون نعتا ، ومثل : «أقبل المعلم يضحك فيسرّ الطلّاب» حيث عطفت الفاء جملة «فيسر الطلاب» التي لا تصلح أن تكون حالا على جملة «يضحك» الواقعة حالا ، والعكس ، مثل :«أقبل المعلم يسرّ الطلاب فيضحك» حيث عطفت الفاء جملة «يضحك» التي تصلح أن تكون حالا على جملة «يسرّ» التي لا تصلح أن تكون حالا. وتعطف «الفاء» عاملا قد حذف وبقي معموله ، مثل : «تصدّقت بدينار فصاعدا» أي :فذهب التّصدّق صاعدا.
ملاحظات :
١ ـ قد تفيد الفاء العاطفة السّبب فتسمّى الفاء السّببيّة ، وتعطف المفردات وينصب المضارع بعدها بـ «أن المضمرة» كقوله تعالى : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَلا تَطْغَوْا فِيهِ فَيَحِلَّ عَلَيْكُمْ غَضَبِي)(٤).
٢ ـ ومن الفاء العاطفة ما يسمّى «الفاء
__________________
(١) من الآية ١٠٩ من سورة يوسف.
(٢) لخلوّها من العائد.
(٣) من الآية ٦٣ من سورة الحج.
(٤) من الآية ٨١ من سورة طه.