محذوف ، والتّقدير : كأنّ أذنيه تشبهان قادمة أو قلما. ومثل :
قد طرقت ليلى بليل هاجعا |
|
يا ليت أيّام الصّبا رواجعا |
حيث نصبت «ليت» الاسم «أيام» والخبر «رواجعا». وعلى الوجه الآخر. «رواجعا» مفعول به لفعل محذوف تقديره : يا ليت أيام الصّبا تعود رواجعا.
ويشترط في عمل «إنّ» و «أنّ» ألّا تدخل عليهما «ما» الزّائدة التي تسمى أيضا «ما» الكافّة ، لأنها تكفّ النّاسخ عن العمل وتكفّ نفسها عن أن تكون موصولة ، أو موصوفة ، وهو يكفّها عن أن تكون غير الزّائدة ، فلذلك تسمى «إنما» أو «أنّما» كافّة ومكفوفة ، كقول تعالى : (إِنَّمَا اللهُ إِلهٌ واحِدٌ)(١) وكقوله تعالى : (قُلْ إِنَّما يُوحى إِلَيَّ أَنَّما إِلهُكُمْ إِلهٌ واحِدٌ)(٢) وفي الآيتين بطل عمل «إنما» و «أنما» لدخول «ما» الزائدة عليهما. كما أن في الآية الثانية دخلت «إنّما» على الفعل المضارع «يوحى».
شروط اسمهما : يشترط في اسم «إنّ» و «أنّ» وفي اسم سائر أخواتهما أن لا يكون من الكلمات التي تلازم الابتداء ، مثل : «طوبى» ، ولا من الكلمات التي لها حق الصّدارة كأسماء الشّرط ، والاستفهام ، ولا من الكلمات المضافة إلى ما لها حقّ الصّدارة ، مثل : «كتاب من قرأته» وأن لا يكون اسمها في الأصل مبتدأ وجب حذفه ، مثل :«مررت بزيد المسكين العالم». فكلمة «العالم» نعت مقطوع على الرّفع وهو خبر المبتدأ محذوف تقديره : هو.
شروط الخبر : ويشترط في خبرهما أحكام عدّة منها :
١ ـ ألا يكون إنشائيا طلبيّا أو غير طلبيّ.
فالانشاء الطلبيّ هو الذي يشمل الأمر ، والنّهي ، والدّعاء ، والاستفهام ، والعرض ، والتّحضيض ، والتّمني ، والتّرجي. أما الإنشاء غير الطّلبي فيشمل : التّعجب ، وجملة المدح والذّم ، وجملة القسم نفسه ، و «كم» الخبريّة ، وربّ ، وألفاظ البيع ، مثل : بعت لك ما حلبت ، أو وهبت ..
ويصحّ أن يكون هذا الخبر من الإنشاء المتضمّن «نعم» و «بئس» ، مثل : «إنّ زيدا نعم الصّديق» فجملة «نعم الصديق» جملة فعليّة في محل رفع خبر «إنّ» ومثل : «إنّ الخائن بئس الرّجل».
فجملة «بئس الرجل» خبر إنّ. ولا يصحّ أن تقول : «إنّ الفقير أحسن إليه» ولا أن تقول : «إن الفقير لا تهنه».
٢ ـ ويشترط التّرتيب بين الاسم والخبر ، فلا يتقدّم الخبر على الاسم إذا كان مفردا مثل : «إنّ الموت حقّ». الموت اسم «إنّ» ؛ «حقّ» : خبرها. أو إذا كان جملة اسمية كانت ، مثل : «إنّ العلم فوائده جمّة» فالجملة الاسميّة «فوائده جمّة» هي خبر «إنّ» أو فعليّة ، مثل : «إن العقلاء ينفرون من الجرائم» الجملة الفعليّة «ينفرون من الجرائم» في محلّ رفع خبر «إنّ». وكقول الشاعر :
إنّ الأمين ، إذا استعان بخائن |
|
كان الأمين شريكه في المأثم |
حيث وردت جملة «كان» واسمها وخبرها «خبرا» ل «إنّ» متأخّرا عن الاسم أما إذا كان الخبر شبه جملة فيجوز أن يتقدّم على الاسم فقط ، كقوله تعالى : (إِنَّ عَلَيْنا لَلْهُدى ، وَإِنَّ لَنا لَلْآخِرَةَ
__________________
(١) من الآية ١٧١ من سورة النساء.
(٢) من الآية ١٠٨ من سورة الأنبياء.