ومثلها كلمة «السّائل» مفعول به لفعل «تنهر».
٥ ـ يجوز أن تحذف «أمّا» إذا دلّت قرينة على حذفها وغالبا ما يكون هذا الحذف إذا كان بعد أمر أو نهي ، كقوله تعالى : (وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ وَثِيابَكَ فَطَهِّرْ وَالرُّجْزَ فَاهْجُرْ)(١) والتّقدير : فأمّا ربّك فكبّر وأما ثيابك فطهّر وأمّا الرّجز فاهجر. والقرينة الّتي تدلّ على الحذف هي «الفاء» إذ لا مسوّغ لدخولها إلا بعد «أمّا» ، كما أن سياق الكلام يفهم منه حذف «أمّا».
٦ ـ يجوز حذف جوابها المقرون بالفاء إذا دلّت عليه قرينة ، كقوله تعالى : (فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ)(٢) والتقدير : فيقولون لهم أكفرتم بعد إيمانكم.
فجملة «فيقولون لهم» جملة مقرونة «بالفاء» واقعة في جواب «أمّا». وكقوله تعالى : (وَأَمَّا الَّذِينَ كَفَرُوا أَفَلَمْ تَكُنْ آياتِي تُتْلى عَلَيْكُمْ فَاسْتَكْبَرْتُمْ وَكُنْتُمْ قَوْماً مُجْرِمِينَ)(٣) والتّقدير : فيقال لهم : أفلم تكن ... فالجملة المقرونة «بالفاء» ، «فيقال لهم» واقعة في جواب «أمّا».
٧ ـ يجوز أن تبدل ميمها الأولى «ياء» فتصير : «أيما» ، كقول الشاعر :
رأت رجلا أيما إذا الشّمس عارضت |
|
فيضحى وأمّا بالعشيّ فيخصر |
حيث قلبت «ياء» الميم الأولى من كلمة «أمّا».
والتّقدير : رأت رجلا أيّما ... بدليل وجود أمّا الثّانية المعطوفة عليها بالواو ، وكقول الشاعر :
يا ليتما أمّنا شالت نعامتها |
|
أيما إلى جنّة أيما إلى نار |
ثانيا : «أمّا» المؤلفة من «أن» المصدريّة و «ما» المبدلة من «كان» المحذوفة ، مثل : «أمّا أنت ذا أدب تفتخر» والأصل : لأن كنت ذا أدب تفتخر ، حيث حذفت لام التّعليل ثم حذفت «كان» فانفصل ضمير المخاطب الذي يستفاد من «التّاء» المتّصلة بـ «كان» فعوّض من «كان» بـ «ما» الزّائدة فصارت الجملة : «أن ما أنت» فقلبت «ميما» «نون» «أن» وأدغمت في «ميم» ، «ما» فصارت أمّا أنت ... وكقول الشاعر :
أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر |
|
فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع |
والأصل : لأن كنت ذا نفر فخرت علينا فإن قومنا لم تأكلهم الأزمات الصّعبة. ويقول البصريّون إن التّقدير هو : ألأن كنت ذا نفر فخرت علينا.
حيث يحذفون لام التّعليل ومتعلّقها ، وهمزة الاستفهام ، ثم حذفت «كان» وعوض منها بـ «ما» الزّائدة التي أدغمت بـ «أن» وانفصل الضّمير المتّصل الواقع اسم «كان» فصار «أنت». أما الكوفيّون فقالوا : «أن» مثل «إن» هي أداة شرط و «ما» لتوكيد الشّرط.
وقد تكون «أمّا» مركّبة من «ما» الاستفهاميّة مع «أم» المنقطعة كقوله تعالى : (أَمَّا ذا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ)(٤).
إمّا
اصطلاحا : حرف تفصيل وتأتي عادة مكرّرة ولم يختلف النّحويّون في «إمّا» الأولى بل في الثانية فقال سيبويه إنها حرف عطف ومنهم من يرفض هذا الرأي لأنها عادة تأتي بعد «الواو» العاطفة ، ولا يدخل عطف على عطف ، مثل :
__________________
(١) من الآيات ٣ ـ ٥ من سورة المدّثر.
(٢) من الآية ١٠٦ من سورة آل عمران.
(٣) من الآية ٣١ من سورة الجاثية.
(٤) من الآية ٨٤ من سورة النمل.