ومنها ما يفيد اليقين ، كقول الشاعر :
ولقد علمت لتأتيّن منيّتي |
|
إنّ المنايا لا تطيش سهامها |
ومن أفعال القلوب ما لا ينصب مفعولين ، فيكون لازما ، مثل : «جبن» ، و «تفكّر» و «فكّر» أو يكون متعدّيا إلى مفعول واحد مثل : «خاف» «وكره» و «فهم» مثل : «قد كرهت البعاد يا أمي».
وليس من الضّروريّ أن تنصب هذه الأفعال مفعولين مباشرة فقد تدخل على «أنّ» ومعموليها ، أو على «أن» والفعل فيكون المصدر المؤوّل سادّا مسدّ المفعولين كقوله تعالى : (وَظَنُّوا أَنْ لا مَلْجَأَ مِنَ اللهِ إِلَّا إِلَيْهِ)(١) أن وما بعدها سدّت مسدّ المفعولين وكقوله تعالى : (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللهُ)(٢) ، وكقول الشاعر :
يرى الجبناء أنّ الجبن حزم |
|
وتلك خديعة الطّبع اللّئيم |
وتختصّ أفعال القلوب ، ما عدا الجامدة منها :بتعليق أو إلغاء عمل «ظننت» مثل : «البرد قارس ظننت» لأنه قدّم عليها المفعولان. ومثل قوله تعالى : (وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ)(٣) بتعليق عمل «علم» عن العمل ، و «أنّ» ومعمولاها في محل نصب سدّ مسدّ مفعوليها. وتختصّ أفعال القلوب أيضا بجواز وقوع فاعلها ومفعولها ضميرين متّصلين صاحبهما واحد كقوله تعالى : (إِنِّي أَرانِي أَعْصِرُ خَمْراً)(٤) فاعل «أراني» ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره :«أنا». و «ياء» المتكلم المتّصلة بالفعل «أراني» هي ضمير متصل مبنيّ على السّكون في محلّ نصب مفعول به.
أفعال المدح
اصطلاحا : هي الأفعال الجامدة التي وضعت لإنشاء المدح وتفيد المبالغة فيه ، ولا بد لها من فاعل ومن اسم مرفوع هو المخصوص بالمدح ويعرب مبتدأ خبره الجملة السابقة ، أو خبرا لمبتدأ محذوف تقديره : هو ، وهذه الأفعال هي : «نعم» ، «وحبّ» و «حبّذا». كقول الشاعر :
فنعم ابن اخت القوم غير مكذّب |
|
زهير حساما مفردا من حمائل |
«ابن» فاعل «نعم». «زهير» مبتدأ مرفوع خبره جملة «نعم ابن أخت القوم» أو هو خبر لمبتدأ محذوف تقديره : هو ، وكقول الشاعر :
نعم أمرءا هرم لو تعر نائبة |
|
إلّا وكان لمرتاع لها وزرا |
«نعم» فعل ماض للمدح مبنيّ على الفتح وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا على خلاف الأصل تقديره : هو. وقد فسّر هذا الضّمير بالتّمييز «امرءا» لإزالة إبهامه «هرم» «مبتدأ» مرفوع خبره جملة «نعم» أو هو خبر لمبتدأ محذوف تقديره : «هو» ، وكقول الشاعر :
حبّ بالزّوّار الذي لا يرى |
|
منه إلّا صفحة أو لمام |
«حبّ» فعل ماض للمدح مبنيّ على الفتح ، «بالزّوّار» ، «الباء» : حرف جرّ زائد ، «الزوّار» فاعل «حبّ» مرفوع بالضّمّة المقدّرة على الآخر
__________________
(١) من الآية ١١٨ من سورة التوبة.
(٢) من الآية ١٩ من سورة محمد.
(٣) من الآية ٩٧ من سورة الحجر.
(٤) من الآية ٣٦ من سورة يوسف.