٢ ـ تقليد الإنسان في سماعه كلمات صادرة من الحيوان الأعجم. فقلّد صوت الغراب ، وقال : «غاق» ، وقلّد صوت الضّرب فقال : «طاق» ، وصوت الحجارة فقال : «طق» كما قلّد صوت ضربة السيف فقال : «قب» وصوت طيّ القماش فقال : «قاش» «ماش». و «ماش ماش» كلمتان مركّبتان تركيبا مزجيّا مبنيتان على الكسر فهما اسم صوت لا محلّ له من الإعراب.
حكم أسماء الأصوات : لأسماء الأصوات أحكام متعدّدة منها :
١ ـ أنها أسماء ليست أفعالا ولا حروفا ولكن ليس لها معنى مفرد مفهوم ، لذلك يعترض بعض النّحاة على اسميّتها ؛ لكن بما أن المقصود أن يدلّ الاسم على معنى مفرد مفهوم إذا أطلق فهم منه العالم بالوضع اللّغوي ، سمّيت هذه الألفاظ أسماء إذ ليس الشّرط في الاسم أن يخاطب به من يعقل ليفهم معناه ، ويقال : إنها ليست أسماء بل ملحقة بالأسماء.
٢ ـ أنها مبنيّة ، ويقال إن سبب بنائها هو شبهها بالحروف المهملة ، مثل : «ما» النّافية ، و «لا» النّافية في أنها غير عاملة في ما بعدها ولا معمولة لما قبلها والأغلب أن السّبب في بنائها ورودها عن العرب مبنيّة.
٣ ـ لا محل لها من الإعراب ، فهي مجرد أسماء لأصوات ولا تخرج عن هذا الغرض لتأدية غرض آخر ، وما دامت مأخوذة من كلام العرب فتبقى على ضبطها من حيث الحروف وعددها والبناء على السكون ، أو على الكسر ، أو على الفتح.
٤ ـ قد يضع المحدثون ألفاظا ويجرونها مجرى الألفاظ المسموعة في أحكامها.
٥ ـ يجب إعراب أسماء الأصوات إذا خرجت عن المعنى الأصليّ وصارت تدلّ على صاحب الصّوت كقول الرّاجز السّابق : «إذا حملت بزّتي على عدس» أي : على فرس فكلمة «عدس» اسم مجرور كما سبق ... ومثل : «أخافنا غاق» «غاق» فاعل مرفوع ، خرجت من اسم الصّوت لتدلّ على صاحبه وهو «الغراب» وتقدير الكلام : أخافنا غراب. ومثل : «ما ألطف قبا» «قبا» اسم معرب متمكّن منصوب على انه مفعول به للفعل الجامد «ألطف» وهو في الأصل اسم لصوت السّيف ، ومثل : «أحببت هالا» ؛ «هالا» اسم معرب متمكّن منصوب على أنه مفعول به ومقصود منه الخيل وهو في الأصل : اسم لزجر الخيل ومثل : «ركبت عدسا» ، «عدسا» اسم معرب متمكّن في الاسميّة منصوب على أنّه مفعول به لفعل «ركبت» وتقدير الكلام : ركبت بغلا. إذ خرجت عن معناها الأصليّ الذي هو اسم زجر للخيل.
٦ ـ يجوز إعراب أسماء الأصوات الموضوعة منها والمسموعة إذا قصد لفظها مثل : النّاقة لا تزجر إلّا إذا سمعت : «عاج» أو «عاجا» ؛ «عاج» مفعول به لفعل سمعت مبنيّ على الكسر حسب أصله ويجوز إعرابه فتقول «عاجا» مفعول به منصوب.
٧ ـ أن أسماء الأصوات كلّها مهملة ، فلا تحتمل ضميرا ، ولا تؤثّر في غيرها ولا تتأثر بالعوامل ، إلا إذا قصد لفظها أو كانت اسما معربا متمكنا قصد منه اسم الحيوان صاحب الصوت ، كقول الشاعر :
أها أها عند زاد القوم ضحكتهم |
|
وأنتم كشف عند الوغى خور |
«أها أها» اسم حكاية صوت الضّحك مبنيّ