ولكن : ما هو
رأي التوراة في داود عليهالسلام؟
ولعل من
الأهمية بمكان الإشارة ، بادئ ذي بدء ، إلى أن التوراة تنظر إلى داود ، على أنه
ملك اليهود القدير ، قبل أن يكون نبي الله ورسوله الكريم ، ومن ثم فإنها لم ترتفع
إلى مستوى داود النبي ، الأمر الذي صوّره القرآن في جلاء ووضوح ، وإن حاولت في بعض
الأحايين أن تتخلص من السقوط المريع الذي وصلت إليه بشأن النبي الأواب ، فوصفته
بما يتفق إلى حد ما ومكان النبوة السامي ، كما نرى في بعض آيات من أسفار صموئيل
الثاني (٨ ، ٢٢ ـ ٢٥) والملوك الأول (٣ ـ ١٦ ، ١٤ ، ١١ ، ١٥) والملوك الثاني (١٨)
وأخبار الأيام الأول (٢٨ ـ ٥) وإشعياء (٣ ، ٥٥ ـ ٦) وهوشع (٣) وغيرها.
وعلى أية حال ،
فليست هناك صورة تجمع بين النقيضين اللذين لا التقاء بينهما ، كالصورة التي تقدمها
التوراة عن داود عليهالسلام ، ملك اليهود القدير ، فهو الشجاع قاتل جالوت (جليات) الجبار بمقلاعه دون
سيف في يده ، وبدا يصبح مطاردا من الفلسطينيين يوما ما ، ولكنه
سرعان ما يشترك معهم في حروبهم ضد عدوهم يوما آخر ، بل ويضع سيفه تحت تصرفهم ضد
مواطنيه اليهود ، وهو يعمل حامل سيف طالوت (شاؤل) الإسرائيلي يوما ما ،
ثم حارسا للملك الفلسطيني «أخيش» يوما آخر ، ، وهو قد بدأ حكمه تحت سيادة الفلسطينيين ، ثم أنهاه
وقد قضى على نفوذهم في المناطق الإسرائيلية تماما ، وهو عدو شاؤل (طالوت) اللدود ،
ثم هو في نفس الوقت زوج ابنته ، وحبيب ولده «يوناثان» ، وكثير من فتيان وفتيات
__________________