الباحثين دلالة على أن سليمان قد أعفى هذه القبيلة الملكية من الواجبات المفروضة على غيرها ، وبالتالي كان سببا في تذمر قبائل الشمال عند ما فرض عليهم العمل في تحصين العاصمة ، وقد أخمد التذمر ، وأجبر زعيمه «يربعام» إلى الهروب إلى مصر (١) ، على أن كثيرا من الباحثين يرون أن يهوذا ، لا بد وأنها قد كلفت بعمل آخر ، لأنه من غير المقبول أن تترك بدون أي التزام مالي نحو الدولة (٢) ، فضلا عن أن سليمان ، وهو الملك النبيّ ، ما كان في حاجة إلى إجبار بني إسرائيل للعمل في تحصين العاصمة ، وقد سخر الله له الجن (يَعْمَلُونَ لَهُ ما يَشاءُ مِنْ مَحارِيبَ وَتَماثِيلَ وَجِفانٍ كَالْجَوابِ وَقُدُورٍ راسِياتٍ) (٣).
(٢) السياسة الخارجية : ـ
كان سليمان عليهالسلام سياسيا حكيما ، كما كان محاربا عظيما ، وإداريا قديرا ، ورغم أنه قد أدرك بفطرته السليمة أنه من الضروري أن يكون له جيش قوي يحمي مملكته (٤) ، ويساعده في تبليغ الدعوة ، فسليمان كما كان ملكا عظيما ، فقد كان كذلك رسولا نبيّا ، فقد أدرك في نفس الوقت بتفكيره السليم أن مملكته الصغيرة في مساحتها لن تعيش في سلام إلا بالتفاهم مع جيرانها ، وأن من وسائل هذا التفاهم ، وربما من وسائل نشر الدعوة أيضا ، أن يرتبط برباط المصاهرة مع جيرانه من الملوك والأمراء ، ومن ثم فقد تزوج من بنات أمراء العمونيين والمؤابيين والآراميين والكنعانيين والحيثيين (٥) وغيرهم ، بل وقد تخطت مصاهراته حدود الشام ، فصاهر فرعون
__________________
(١) A.Lods ,op ـ cit ,P. ٧٢ ـ ٣٧١. ثم قارن : تاريخ ابن خلدون ٢ / ٢١٤.
(٢) O.Eissfeldt ,op ـ cit ,P. ٥٩١ وكذا W. F. Albright, Arachaeology and the Religion of Israel, Baltimore, ١٤٠.p ، ١٩٦٣.
(٣) سورة سبأ : آية ١٣.
(٤) O.Eissfeldt ,op ـ cit ,P. (٦). ٥٨٩
(٥) ملوك أول ١١ / ١ ـ ٢.