جلعاد ، ليدفنوا» في أرض بنيامين في صيلع في قبر قيس أبيه» (١) ، ومع في ذلك فإن داود نفسه الذي كان مخلصا للعادات والتقاليد إلى هذا الحد ، لم يدفن في مقبرة أسلافه في بيت لحم ، وإنما في مقبرة جديدة في القدس (مدينة داود) ، وقد يقال إن ذلك تم بدون رغبة منه أو أنه لم يترك تعليمات فيما يختص بمكان دفنه ، ولكن هناك عبارات في التوراة يفهم منها أن الرجل المحتضر كان يوصي أقرباءه بدفنه في مقبرة الأسرة (٢) ، وأن داود الذي أعطى تعليماته النهائية لولده وخليفته سليمان فيما يختص بأعدائه لم ينس بطبيعة الحال التعليمات الخاصة بمكان دفنه (٣).
ويذهب بعض الباحثين إلى أن السبب في دفن داود في القدس ، وليس في بيت اللحم. والأمر كذلك بالنسبة إلى خلفائه المباشرين الاثني عشر ، هو تقليد الملك داود لجيرانه من الملوك ، ذلك أنه منذ القرن الثالث عشر ، وحتى القرن السادس أو السابع قبل الميلاد على الأقل كان العرف السائد في كل حوض شرق البحر المتوسط هو أن يدفن الملوك في قصورهم ، أو على مقربة منها ، وليس داخل أسوار مدنهم فحسب (٤) ، وإني لأظن ، وليس كل الظن إثما ، أن المؤرخين قد أخطئوا كثيرا في تفسير الأحداث الخاصة بداود عليهالسلام ، فهم يتعاملون معه على أنه ملك إسرائيل فحسب ، ونسوا ، أو تناسوا ، أنه قبل ذلك وبعده نبيّ الله ورسوله ، وطبقا لهذه الحقيقة التي يتغافل عنها البعض ، يمكننا تفسير مكان دفن داود عليهالسلام في القدس ، وليس في بيت لحم ، اعتمادا على ما روي عن سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم من أن الأنبياء يدفنون حيث يموتون ، فلقد حدث أبو بكر الصديق أنه
__________________
(١) قضاة ٨ / ٣٢ ، صموئيل ثان ١٩ / ٣٧ ـ ٣٨ ، ٢١ / ١١ ـ ١٤.
(٢) تكوين ٤٩ / ٢٩ ـ ٣٣.
S. Yeivin, The Sepulchers of the Kings of the House of David, JNES, (٧). ٣١.p ، ١٩٤٨ ، ٧.
(٣).S.Yeivin ,p ـ cit ,p. ٣٨ ـ ٣٦.