الحرب ، وهكذا هزم داود الفلسطينين بهذا الجهاز السريع الحركة ، وبمهارته المنقطعة النظير (١) ، ولكن سرعان ما قام الفلسطينيون بمحاولة ثانية ، بعد أن قدّروا ، نتيجة للجولة السابقة ، القوة والمهارة الحربية لداود ، ولم يعدوا كل قوتهم لمواجهته ، ومن ثم فسرعان ما ظهروا في وادي رفائيم ، وهزمهم داود مرة أخرى في مكان تصفه التوراة بأنه «مقابل أشجار البكا» (٢) ، وربما أطبق داود بقواتهم عليهم من الشمال ، من جانب دولة إسرائيل ، فجأة ، كاحدث من قبل ، وعلى أية حال ، فطبقا لرواية التوراة ، فلقد قام داود «بضرب الفلسطينين من جبع إلى مدخل جازر» وإن ذهبت رواية أخرى إلى أنه ضربهم» من جبعون إلى جازر ، مقتفيا أثرهم حتى حدود بلادهم (٣).
وهكذا كتب لداود النصر المبين على أقوى أعدائه ، وأكثرهم أهمية ، كما كتب له نجما بعيد المدى في طردهم من المناطق الإسرائيلية بل إننا لنسمع عن حرب دقت طبولها عند «جت» ، إحدى المدن الخمسة الرئيسية في الاتحاد الفلسطيني ، بل وقد أصبحت مدينة «جت» فيما بعد مدينة إسرائيلية تحت حكم داود (٤).
غير أن تلك الانتصارات التي حققها داود ضد الفلسطينين ، كما جاءت في التوراة ، لم تجعل الفلسطينين تابعين لداود سياسيا ، صحيح أنها أجبرتهم على الاعتراف بسيادة داود على الجزء الأكبر من فلسطين ، ولكنه صحيح كذلك أنهم بقوا في إقليمهم الصغير على ساحل البحر المتوسط ، القوة
__________________
ـ الأولى نحو عرش إسرائيل ، وقد أحرز بهم انتصارات هامة ، كانتصاره على الفلسطينيين وكاحتلاله «دولة المدينة أورشليم».
(١).M.Noth ,Op ـ cit ,p. ١٨٨ ـ ١٨٧.
(٢) صموئيل ثان ٥ / ٢٣.
(٣) صموئيل ثان ٥ / ٢٥ ، أخبار أيام أول ١٤ / ١٦ ، وكذا : M.Noth ,Op ـ cit ,p. ١٨٩ ـ ١٨٨.
(٤).A Lods ,Op ـ cit ,p. ٣٦٠.