تعالى : (وَإِذْ قالَ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ يا بَنِي إِسْرائِيلَ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيَّ مِنَ التَّوْراةِ ، وَمُبَشِّراً بِرَسُولٍ يَأْتِي مِنْ بَعْدِي اسْمُهُ أَحْمَدُ) (١).
هذا ومن المعروف أن دعوة المسيح عليهالسلام ، شأنها في ذلك شأن دعوات كل الرسل الكرام قبل بعثة سيدنا محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، إنما هي دعوة خاصة إلى بني إسرائيل ، كما جاء في القرآن الكريم (٢) ، وكما يقول الإنجيل على لسان المسيح «لم أرسل إلا إلى خراف بيت إسرائيل الضالة» (٣) ، ومن ثم فقد اتجه السيد المسيح عليهالسلام بدعوته إلى بني إسرائيل يبغي من ورائها هداية خراف بيت إسرائيل الضالة ، وأما الذي عمم الدعوة فهم تلاميذ المسيح ، أو بالأحرى ، فقد عممها «بولس» الذي زعم أن المسيح تراءى له ، وجعله تلميذا له ، مع أنه لم يره ، وذلك بعد تكرارها على بني إسرائيل ، ولجاجتهم في الإعراض عنها ، ومن ثم فقد وجهت إلى كل مستمع لها ، مقبل عليها ، وقال لهم : إن العاملين بالخير هم ذرية إبراهيم الخليل ، أقرب وأوفي ممن يدعون النسبة إليه بالسلالة ، لأنهم أبناؤه بالروح (٤) ، ومع ذلك تبقى دعوة المسيح في صميمها ، دعوة خاصة ، وأما الدعوة العامة فهي دعوة سيدنا ومولانا محمد رسول الله صلىاللهعليهوسلم الذي أرسل إلى الناس كافة بشيرا ونذيرا ، وصدق الله العظيم حيث يقول : (وَما أَرْسَلْناكَ إِلَّا كَافَّةً لِلنَّاسِ بَشِيراً
__________________
ـ ٣ / ١٦٦ ـ ١٦٧ ، تفسير الظلال ١ / ٣٩٩ ـ ٤٠٠ ، تفسير المنار ٣ / ٢٤٩ ـ ٢٥٦ ، تفسير القرطبي ص ١٣٣٥ ـ ١٣٣٧.
(١) سورة الصف : آية ٦.
(٢) سورة آل عمران : آية ٤٨ ـ ٤٩ ، الصف : آية ٦.
(٣) متى ١٥ / ٢٤.
(٤) متى ١٥ / ٢٣ ـ ٢٨ ، عباس العقاد : مطلع النور ص ٩٦ ، محمد بيومي مهران : الديانة العربية القديمة ص ٦١ ـ ٦٢.