منهما ولا مغلوب ، وهما أخوان في الله رب العالمين على قدم المساواة (١).
هذه عجالة نلخص بها قصة سليمان عليهالسلام ، مع ملكة سبأ ، كما جاءت في القرآن الكريم ، غير أن بعض المفسرين والمؤرخين قد أسرفوا على أنفسهم وعلى الناس ، فعالجوا هذه القصة الواضحة بطريقة عجيبة ، فأضافوا إليها ما شاء لهم الخيال أن يضيفوا تذهب بعضهم إلى أن بلقيس إنما هي بلقمة ابنة «ليشرع بن الحارث بن صيفي بن يشجب بن يعرب بن قحطان» ، وذهب آخرون إلى أنها بلقيس (تلقمة أو بلقمة) بنت السيرج ، وهو الهدهاد بن شرحبيل ، وأنها حكمت اليمن مائة وعشرين سنة ، بينما نزل البعض بحكمها إلى سبع سنين (٢) ، ومن عجب أن بعض الأخباريين إنما يذهب به الخيال إلى أن يرى أن «أم بلقيس» إنما كانت «جنية» بنت ملك الجن ، واسمها «رواحة» بنت السكر ، أو بلقمة بنت عمرو بن عمير الجني ، وذهب آخرون إلى أن والد بلقيس كان من أكابر الملوك ، وكان يأبى أن يتزوج من أهل اليمن ، فيقال أنه تزوج من امرأة من الجن اسمها «ريحانة» بنت السكن ، فولدت له بلقيس واسمها تلقمة ، ويقال لها بلقيس (٣) ، وأما كيف وصل أبو بلقيس إلى الجن وخطب ابنة ملكهم ، فإنهم إنما يقدمون روايات من ذلك النوع من الأساطير ، على أن أسوأ ما في الأمر وأشده خطورة أن يحاول بعض الرواة أن يعطوا لرواياتهم سندا من شرعية أو نصيبا عن صواب ، فينسبوا إلى سيدنا رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، عن طريق أبي هريرة ،
__________________
(١) في ظلال القرآن ٥ / ٢٦٤٣.
(٢) تاريخ الطبري ١ / ٤٨٩ ، الكامل لابن الأثير ١ / ١٢٩ ـ ١٣٠ ، الثعلبي : قصص الأنبياء المسمى عرائس المجالس ص ٢٧٨ ، ٢٩٠ ، تاريخ اليعقوبي ١ / ١٩٦ ، مروج الذهب للمسعودي ٢ / ٥٠ ، تاريخ ابن خلدون ٢ / ٥٩.
(٣) تفسير القرطبي ص ٤٨٩٨ ـ ٤٩٢٧ ، الثعلبي : المرجع السابق ص ٢٧٨ ، مروج الذهب ٢ / ٤٩ ـ ٥٠ ، ابن كثير : البداية والنّهاية ٢ / ٢١ ، ابن الأثير ١ / ١٢٩ ، قصص الأنبياء ٢ / ٢٩٠ ـ ٢٩١ ، تفسير الفخر الرازي ٢٤ / ٢٠٠ ـ ٢٠١.