، وفي سورة القصص يقول موسى : (وَأَخِي هارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِساناً فَأَرْسِلْهُ مَعِي رِدْءاً يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ ، قالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ وَنَجْعَلُ لَكُما سُلْطاناً فَلا يَصِلُونَ إِلَيْكُما بِآياتِنا أَنْتُما وَمَنِ اتَّبَعَكُمَا الْغالِبُونَ) (١) ، وهكذا يبدو واضحا أن الله تعالى في التوراة هو الذي يطلب من موسى أن يلجأ إلى أخيه هارون ، بينما في القرآن موسى هو الذي يدعو ربه أن يعينه بأخيه هارون في أداء مهمته العظيمة والخطيرة كذلك ، بمعنى آخر أن موسى في القرآن هو الذي سأل النبوة لأخيه هارون ، لأنه أفصح منه لسانا ، كما أشرنا إلى ذلك من قبل بالتفصيل.
ومنها (ثاني عشر) أن عصا موسى ، إحدى معجزاته ، إنما هي في التوراة ، عصا هارون ، وليس موسى ، وأن الذي ألقاها أمام فرعون وملئه ، إنما هو هارون ، وليس موسى ، ولكن الأمر في القرآن جد مختلف ، فالعصا معجزة موسى ، وليس هارون ، وأن الذي ألقاها فإذا هي ثعبان مبين ، إنما هو موسى وليس هارون ، وأن موسى فعل ذلك أول مرة أمام فرعون وملئه ، ثم مرة ثانية حين اجتمع السحرة لمناظرة موسى يوم الزينة (٢) ، ومنها (ثالث عشر) أن معجزة انغلاق البحر لموسى إنما هي في التوراة بسبب ريح شرقية هبت فأزالت الماء ، وظهرت اليابسة ، وحينئذ عبر بنو إسرائيل ، واندفع المصريون وراءهم ، فرجع الماء ، وأغرق جميع مركبات وفرسان جيش فرعون ، ورأى بنو إسرائيل ما صنعه الرب بالمصريين فخافوا فآمنوا بالرب وبعبده موسى ، وأما في القرآن فالمعجزة واضحة ، حيث أمر الله تعالى موسى : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ
__________________
(١) سورة طه : آية ٢٥ ـ ٣٦ ، القصص : آية ٣٢ ـ ٣٥ ، خروج ٤ / ١٠ ـ ١٦ ، ٦ / ١٢.
(٢) سورة الأعراف : آية ١٠٤ ـ ١٢٢ ، طه : آية ٥٧ ـ ٧٠ ، الشعراء : آية ٣٠ ـ ٤٨ ، خروج ٧ / ٨ ـ ١٢