(٥) وحدة الهدف في دعوات الرسل :
لا ريب في أن دين الله واحد في الأولين والآخرين ، لا يختلف إلا في صورة ومظاهره ، وأما روحه وحقيقته ، وهو ما طولب به العالمون أجمعون على ألسنة جميع الأنبياء والمرسلين ، فلا يتغير ، وهو إيمان بالله الواحد الأحد ، وإخلاص له في العبادة ، وأن يتعاون الناس على البر والتقوى ، وألا يتعاونوا على الإثم والعدوان ، هذا هو دين الله الذي أرسل في كل أمة ، ولكل قوم على مدى الدهور والأزمان (١) ، ولا ريب كذلك في أن هذا الدين هو الإسلام (٢) ، وصدق ربنا جل وعلا حيث يقول : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (٣) ويقول : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخاسِرِينَ) (٤) ، والإسلام ، في لغة القرآن ، ليس اسما لدين خاص ، وإنما هو اسم للدين المشترك الذي هتف به كل الأنبياء ، وانتسب إليه كل أتباع الأنبياء (٥) ، ومن ثم فإن الإسلام شعار عام يدور في القرآن على ألسنة الأنبياء وأتباعهم منذ أقدم العصور التاريخية إلى عصر البعثة المحمدية (٦).
__________________
(١) محمود أبو رية : المرجع السابق ص ٣٥.
(٢) الإسلام : هو دين الله في الأولين والآخرين ، وهو الطاعة والامتثال (تفسير الطبري ٢ / ٥١٠ ـ ٥١١) ويقول الإمام ابن تيمية : الإسلام هو أن يستسلم الإنسان لله ، لا لغيره ، فيعبد الله ولا يشرك به شيئا ، ويتوكل على الله وحده ، ويرجوه ويخافه وحده ، ويحب الله المحبة التامة ، لا يحب مخلوقا كحبه لله ، بل يحب لله ويبغض لله ، ويوالي لله ويعادي لله ، فمن استكبر عن عبادة الله لم يكن مسلما ، ومن يعبد مع الله غيره لم يكن مسلما (ابن تيمية : كتاب النبوات ـ القاهرة ١٣٤٦ ه ص ٨٧ ـ ٨٨).
(٣) سورة آل عمران : آية ١٩.
(٤) سورة آل عمران : آية ٨٥.
(٥) محمد الراوي : الدعوة الإسلامية دعوة عالمية ص ٥١.
(٦) محمود الشرقاوي : الأنبياء في القرآن الكريم ص ٧٥ ـ ٧٦.