إلى كنعان ، إلى الأرض المقدسة التي كتب الله لهم ، وكما يقول صاحب البحر المحيط : وليس بنو إسرائيل من قوم فرعون المصريين ، ألا ترى أن بقية المصريين (القبط كما يسميهم خطأ) وهم الأكثر ، لم يرجع إليهم موسى.
ومنها (رابعا) أن اسم موسى المصري ، لم يطلقه عليه أبوه ، كما يزعم فرويد ، وإنما أطلقته عليه امرأة فرعون ، وبدهي أن الملكة المصرية ، لحما ودما ، لغة وثقافة ، إنما تطلق على موسى اسما مصريا ، وليس عبريا ، وكما أشرنا من قبل ، فهي ملكة مصرية تتكلم اللغة المصرية وتفكر بها ، وما كان لها أن تتحدث العبرية في حياتها وبين مواطنيها ، حتى تتخذ للطفل ، مع كراهية شائعة للعبريين يومئذ ، اسما عبريا ، ومنها (خامسا) أن وصف التوراة لموسى ، على لسان بنات رعوئيل ، بأنه رجل مصري ، أمر طبيعي ، ذلك لأن موسى عليهالسلام ، وقد تربى في قصر فرعون ، وعاش في مصر عمره كله ، والذي ربما وصل وقت ذاك إلى أربعة عقود من الزمان ، من البدهي أن يكون مصريا في لسانه وهيئته ، بل إن قومه الإسرائيليين أنفسهم ، وقد عاشوا في مصر قرابة أربعة قرون ، قد أصبحوا مصريين ، أو على الأقل متمصرين ، بل إن القرآن الكريم ليصفهم بأنهم «طائفة منهم» ، هذا فضلا عن أن ابنة رعوئيل ما كانت تعرف حتى ذلك الوقت جنسا يدعى «بنو إسرائيل» ، ذلك لأن اليهود قبل موسى ونبوته ، ما كان لهم وجود كأمة في مجتمعات الشرق القديم ، صحيح أن القبائل الإسرائيلية التي كانت تعيش في مصر منذ عهد يوسف الصديق عليهالسلام ، على أيام الهكسوس ، كانت تدرك ، حتى قبل ظهور موسى ، أنها تنتمي إلى أرومة واحدة ، ولكنها مع ذلك لم تؤلف شعبا واحدا حتى حدث الاستعباد المصري لهم ، ونجح موسى في أن يوحد بين هذه العشائر التي تراخت أواصر القربي بينها ، ويجعلها أمة واحدة ، وذلك بفضل نبوته ومعجزته الكبرى.
ومنها (سادسا) الاعتماد على أن موسى عليهالسلام «كان بطيئا في