وهو الشجر ، وغيّر إلى «سى» كأن من سماه أراد ماء البحر والتابوت الذي قذف فيه ، على أن الخازن إنما يراه اسما عبريا عرب ، وهو بالعبرانية الماء والشجر ، سمي به لأنه أخذ من بين الماء والشجر ثم قلبت الشين المعجمة سيناء في العربية ، هذا وقد نقل السيوطي عن السدى أنه سمي موسى لأنهم وجدوه بين ماء وشجر ، والماء بالنبطية «مو» ، والشجر «سى» (١) ، وبدهي أن اسم موسى اسم مصري على وجه اليقين ، كما سنرى.
وفي عام ١٩٣٨ م أصدر العالم النفساني اليهودي «سيجموند فرويد» كتابه موسى والتوحيد (٢)» ، فأراد أن يثير شبهة حول أصل موسى ، الذي رآه «مصريا» ، وليس إسرائيليا ، معتمدا في ذلك على أن اسم موسى ، والذي ينطق بالعبرية «موشيه» طبقا لرواية التوراة في سفر الخروج (٢) ، ذلك أن الأميرة المصرية ، وهي نفس الوقت ابنة فرعون ، قد انتشلته من النيل ، وسمته إثر ذلك «موسى» معللة لهذه التسمية بعلة لغوية اشتقاقية ، حيث رد كاتب التوراة اللفظ إلى اسم المفعول من الفعل العبري «مشه» بمعنى المنتشل أو المستنقذ.
ومع ذلك ، فإن هذا التعليل ينطوي على خطأ واضح ، إذ جاء في «المعجم اليهودي» أن تفسير التوراة لاسم موسى بأنه «المنتشل من الماء» ، تفسير اشتقاقي شعبي ، وهو لا يستقيم مع الصيغة والوزن لكلمة «موشيه» ، التي هي في العبرية اسم فاعل ، لا اسم مفعول ، ودلالتها الصحيحة «المنتشل» ـ بكسر الشين ـ لا «المنتشل» بفتحها ، ومن ثم فهو اسم فاعل ،
__________________
(١) تفسير الطبري ١ / ٢٧٩ ، تاريخ الطبري ١ / ٣٩٠ ، ابن الأثير ١ / ٩٧ ، تفسير روح المعاني ١ / ٢٥٨ ، تفسير الخازن ١ / ٥٩ ، الدر المنثور ٥ / ١٢٠ ، تفسير البغوي ١ / ٥٨ ـ ٥٩.
(٢)Sigmund Freud, Moses and Monotheism, Translated from the German by ١٩٣٩ K. Jones, N. Y,.