تسخير بني إسرائيل في مدينتي فيثوم ورعمسيس ، وهكذا استطاع العلماء أن يستخرجوا من التوراة تاريخين للخروج في وقتين مختلفين ، يكاد الواحد منهما يبعد عن الآخر بأكثر من قرنين من الزمان.
(٢) أدلة المؤيدين ومناقشتها :
وهكذا يبدو لنا مما سبق بوضوح أن أدلة المعارضين لهذا الرأي الذي يرجح أن مرنبتاح هو فرعون الخروج (فرعون موسى) لم تكن بكافية لإسقاطه ، أو حتى صرف النظر عنه ، بل إننا نستطيع أن نعضده بحجج أخرى ، غير ما ذكرنا ، منها (أولا) أن التوراة إنما تذكر أن مدينة «رعمسيس» (بر رعمسيس) كانت هي المدينة التي بدأت منها مسيرة الإسرائيليين نحو سيناء ، حيث التيه أربعين سنة ، ومن المعروف أن مدينة «بر رعمسيس» إنما كانت من إنشاء رعمسيس الثاني وحده ، وليس من عمل ملك آخر ، بل إننا لنعرف أنه ابتداء من عصر هذا الفرعون قد انتقل مركز الثقل من الصعيد إلى شرق الدلتا ، حيث المدينة التي حملت اسمه ، وغدت عاصمة البلاد على أيام الرعامسة (١) ، ومنها (ثانيا) أنه من المعروف تاريخيا أن رعمسيس الثاني (١٢٩٠ ـ ١٢٢٤ ق. م) إنما قدّر له أن يجلس على عرش الكنانة ٦٧ عاما وهي أطول فترة عرفها التاريخ المصري لحكم ملك من الملوك ، إذا استثنينا ببي الثاني الذي حكم ٩٤ عاما (٢) ، ومن ثم فهو قد حكم الفترة التي تتطلبها التقاليد الإسرائيلية ، كما جاءت في التوراة ، بشأن هروب موسى إلى مدين ثم بقائه هناك أربعين عاما ، حتى إذا ما علم بوفاة الفرعون عاد إلى مصر لإطلاق سراح بني إسرائيل (٣) ، وإن اختلفت وجهة النظر الإسلامية في
__________________
(١) أنظر : محمد بيومي مهران : مصر والعالم الخارجي في عصر رعمسيس الثالث ص ٤٦ ـ ٦٢ ، مصر ـ الجزء الثاني ص ١٣٣ ـ ١٣٦.
(٢) أنظر : محمد بيومي مهران : مصر ١ / ٤٤٢ ـ ٤٤٣ ، ٢ / ١٣٠.
(٣) خروج ٢ / ٢٣ ، ٤ / ١٩ ، ٧ / ٧ ، أعمال الرسل ٧ / ٣٠ ، قاموس الكتاب المقدس ٢ / ٩٣١ ، شاهين مكاريوس : المرجع السابق ص ٤٠.