منافسيه. ثم اصطناعه صفات إلهية ، حتى غدا إلها بين الآلهة (١) ، ومن يرى أن الصعاب التي لاقاها مؤسسوا الوحدة دافعا للقول بأن مصر يحكمها إله ، تتمثل فيه القوى التي تهيمن على القطرين (الصعيد والدلتا) ، بل إنه أدعى منذ الأسرة الخامسة بأنه الابن الشرعي لإله الشمس «رع» ، أعظم الآلهة طرا وسيدهم ، وبذلك تمكن الملك من أن يتباعد بنفسه عن أن يكون من البشر ، وعن أن يكون منتسبا لأي جزء من أجزاء مصر ، ومن ثم فقد انتفت حجة الوجه البحري في معارضته في أن يحكمه رجل من الصعيد (٢).
وهناك وجه آخر للنظر ، يذهب إلى أن المصري كان لا يحس بضرورة تحديد الأنواع تحديدا صريحا ، فقد سهل عليه أن ينتقل من البشري إلى الآلهي براحة تامة ، وأن يقبل العقيدة التي تنص على أن الفرعون الذي كان يعيش بين الناس كأنما هو من لحم ودم إنساني ، كان في الحقيقة إلها تكرم فأقام فوق الأرض ليحكم أرض مصر ، ومن ثم فإن طريقة التفكير هذه ، فيما يرى جون ويلسون ـ بجانب العوامل الجغرافية ـ إنما كانت سببا في عقيدة الملكية الإلهية ، التي ربما كانت سهلة وطبيعية بالنسبة للمصريين ، وربما كانت متأصلة الجذور منذ أيام ما قبل التاريخ (٣).
وهناك رأي رابع ، يجعلها نتيجة أسباب دينية ، ذلك أن المصريين القدامى إنما كانوا يعتقدون ـ كما تروي الأساطير ـ أن آلهة التاسوعيين قد حكموا الواحد تلو الآخر على الأرض في مصر ذاتها ، قبل أن يعرجوا إلى السماء ـ أو فيما يختص بالذين ذاقوا الموت قبل أن يهبطوا إلى الجحيم ـ
__________________
(١) نجيب ميخائيل : مصر والشرق الأدنى القديم ـ الجزء الرابع ـ ص ٧٤ (الإسكندرية ١٩٦٦.
(٢) عبد المنعم أبو بكر : تاريخ الحضارة المصرية ـ العصر الفرعوني ، النظم الاجتماعية ـ القاهرة ١٩٦٢ ص ١١١.
(٣) ٤٧ ، ٤٥ J.A.Wilson ,op ـ cit ,p ..