ليحملنهم على المحجة البيضاء والصراط المستقيم (١).
وحقيق بنا في هذا المقام أن نتساءل : ما هو السبب الباعث إلى أن يشكل الخليفة عمر بن الخطاب تلك الشورى السداسية بينما هو بنفسه يسطر مثالب وسلبيات كل واحد منهم عدا علي عليه السلام فانه قد أطراه وذكره مادحا إياه بالخير والهداية؟
ومن ثم ما هو الدافع الذي دفع عمر إلى رسم ذلك المخطط حتى يؤول أمر الخلافة بعده إلى عثمان وقد وصفه بتلك الاوصاف التي قرأتها؟
قال عبد الله : ولما طعن قال عمر لاهل الشورى : لله درهم ، إن ولوها الاصيلع!! كيف يحملهم على الحق ولو كان السيف على عنقه.
فقلت : أتعلم ذلك منه ولا تولية؟
قال : إن لم أستخلف فاتركهم فقد تركهم من هو خير مني (٢).
وهكذا روى ابن عبد البر عن ابن عباس قال : بينا أنا أمشي مع عمر يوما إذ تنفس نفسا فظننت أنه قد قضبت أضلاعه ـ تقطعت ـ فقلت : سبحان الله! والله ما أخرج منك هذا إلا أمر عظيم.
فقال : ويحك ـ يابن عباس ـ ما أدري ما أصنع بامة محمد صلى الله عليه واله.
قلت : ولم وأنت بحمد الله قادر على أن تصنع ذلك مكان الثقة؟ قال : إني أراك تقول : إن صاحبك أولى الناس بها ـ يعني عليا عليه السلام ـ.
قلت : أجل ، والله إني لاقول ذلك في سابقته وعلمه وقرابته وصهره.
قال : إنه كما ذكرت ، ولكنه كثير الدعابة ...(٣).
__________________
(١) شرح نهج البلاغة ٦ : ٣٢٦ ـ ٣٢٧.
(٢) الاستيعاب ٣ : ١١٣٠ ترجمة الامام علي بن أبي طالب عليه السلام رقم ١٨٥٥.
(٣) الاستيعاب ٣ : ١١١٩ ترجمة الامام علي بن أبي طالب عليه السلام رقم ١٨٥٥.