كان من آثارها ـ في حكومته ـ ما كان ( مما لا نريد التوسع في ذكره ) ، وانما جل ما نريد هو التنبيه على الغلطة الكبرى التي أتاها معاوية ، فتقمص بها مسؤولية الحرمات الاسلامية التي انتهكها بهذه الغلطة غير متحرج ولا متأثم.
وكان من الاساليب العجيبة التي توفر على روايتها أصدقاء الرجل فضلاً عن أعدائه ، فيما لجأ اليه يوم نصب ابنه ولياً لعهد المسلمين ، ما يكفينا للتأكد من وزنه كمسلم فضلاً عن وزنه كخليفة!! .. وانها لصفحة من أنكد صفحات التاريخ ، وأبعدها عن « الاسلام » روحاً ومعنى وأهدافاً ، ولولا أنها ـ بنتائجها التي تنكشف عنها في معاوية وفي المجتمع الذي كان يدور في فلك معاوية ـ أحد شرايين بحثنا الواسع فيما يهدف اليه هذا البحث من بيان أسرار الحسن فيما أتاه من الصلح ، لاعرضنا عن ذكرها ، ولكُنّا أحرص على سترها ، رغم افتضاحها المكشوف مدى ثلاثة عشر قرناً.
أما الآن فسنعرض خلاصة من نصوص المؤرخين ، دون ان نتعمد الشرح والتعليق في الاثناء ، لان هذه النصوص بذاتها غنية عن الشرح والتعليق.
هكذا بايع معاوية ليزيد :
قال ابو الفرج الاصفهاني : « وأراد معاوية البيعة لابنه يزيد ، فلم يكن شيء أثقل عليه من أمر الحسن وسعد بن ابي وقاص ، فدس اليهما سماً ، فماتا منه (١) ».
وقال ابن قتيبة الدينوري : « ثم لم يلبث معاوية بعد وفاة الحسن الا يسيراً حتى بايع ليزيد بالشام وكتب ببيعته الى الآفاق (٢) ».
وقال ابن الاثير : « وكان ابتداء ذلك وأوله من المغيرة بن شعبة ، فان
__________________
١ ـ المقاتل ( ص ٢٩ ).
٢ ـ الامامة والسياسة ( ج ١ : ص ١٦٠ ).