في ذلك كالذي يزل عن
حقه في حياته جهادا في سبيل الله ، ويبيع الله نفسه ليشتري منه جنته.
٢ ـ واما صبره
فانه صدى جهاده ، والحصن الذي يلجأ اليه
في مختلف ميادينه.
ولقي من زمانه ومن أهل زمانه ، الحرمان
وألخيانة وألغدر وألمؤامرات وألنفاق وألغيلة ونقض العهود ، وبهتان الاعداء و
سبابهم ، وأزورار الاصدقاء وعتابهم ، وما لم يلقه أحد غيره فيما نعهد من زعماء
التاريخ ، وتفجرت عليه من كل مكان ، المحن السود والنكبات الفواتن.
فقابل كل ذلك بالصبر الذي لا توازنه
الجبال.
وعالج الاوضاع التي دارت حوله ، بما
اوتي من الحكمة البالغة الحنكة الموهوبة ، متدرّجا معها من البداية الى النهاية ،
لا يستسلم للغضب ولا يتأثر بالعاطفة ، ولا يستكين للحوادث ، ولا يتقلقل للمربكات ،
ولا تهزّه الا نُصرَةُ الدين كلمة القرآن ودعوة الاسلام.
وهذا هو الحسن السبط على حقيقته التي
خلقه الله عليها. ولن ينكر على الحسن خصاله هذه ، الا متعنت جاهل ، أو عدّو متحامل
، وكانت مزاياه في عصره مُثُلَ المزايا ، وكان كرمه في الناس مضرب المثل. وكان من
حلاوة حديثه ، و سرعة بديهته ، وقوة حجته ، وهيبته ، وحلمه ، وحجاه ، ما شهد به
أعداؤه فضلا عن أصدقائه.
انظر الى تقريظ معاوية له في خواتيم «
المشاجرات » التي كان يثيرها عليه في مجالسه ، والى اطرائه اياه في مناسبات أخرى
لا تتصل بهذه المشاجرات.
فقال مرة وهو يطري حلاوة حديثه :
« ما تكلم عندي أحد أحب اليَّ اذا تكلم
ان لا يسكت من الحسن ابن علي
».
__________________