الاسلام منذ وفاة الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم والى يوم الناس ، لانها كانت ظرف الخلافة الفريدة من نوعها في تاريخ الخلائف الآخرين ، ولانها بداية اقرار القاعدة الجديدة في التمييز بين السلطات الروحية والسلطات الزمنية في الاسلام ، واللحظة التي صدَّقت باحداثها الحديث النبوي الشريف الذي انبأ برجوع الامر بعد ثلاثين عاماً الى الملك العضوض ، ولانها الفترة التي تبلورت فيها الحزازات الطائفية لاول مرة في تاريخ العقائد الاسلامية.
ولم يكن قليلاً من مجهود هذه الفصول ، ان ترجع ـ بعد الجهد المرتخص في سبيلها ـ بالخبر اليقين عن الكثير من تلك الحقائق ـ أبعد ما تكون تأتياً في البحث ، واكثر ما تكون تفسخاً في المصادر ، وأقل ما تكون حظاً من تسلسل الحوادث وتناسق الاحداث ـ فتعرضها في هذه السطور مجلوة على واقعها الاول ، او على اقرب صورة من واقعها الذي تنشأت عليه بين احضان جيلها المختلف الالوان.
فاذا الحسن بن علي (ع) ـ بعد هذا ـ وعلى قصر عهده في خلافته ، من أطول الخلفاء باعاً في الادارة والسياسة ، والرجل الذي بلغ من دقته في تصريف الامور ، وسموّه في علاج المشكلات ، انه استغفل معاوية بن ابي سفيان اعنف ما يكون في موقفه منه حذراً وانتباهاً واستعداداً للحبائل والغوائل. واذا بزواجه الكثير دليل عظمته الروحية في الناس. واذا « بالصلح » الذي حاكه على معاوية اداته الجبارة للقضاء على خصومه في التاريخ ، دون ان يكون ثمة اية مساومة على بيعة أو على خلافة أو على مال. واذا كل خطوات هذا الامام ، وكل ايجاب او سلب في سياسته ـ مخفقاً او منتصراً ـ آية من آيات عظمته التي جهلها الناس وظلمها المؤرخون.
وكان من أفظع الكفران لمواهب العظماء ، ان يتحكم في تاريخهم وتنسيق مراتبهم ، ناس من هؤلاء الناس المأخوذين بسوء الذوق ، او المغلوبين بسوء الطوية ، يتظاهرون بالمعرفة ويرتجزون بحسن التفكير ، ثم يتحذلقون