الشائعة الرابعة : انّ الرسول يهجر.
وملخّص قصّة الهجر هذه : إنّ رسول الله صلّى الله عليه وآله قال للمجتمعين حوله في مرضه الّذي توفّي فيه : قربوا أكتب لكم كتاباً لن تضلّوا بعده أبداً.
فقال عمر على الفور : حسبنا كتاب الله ، إنّ رسول الله قد هجر ـ أي يهذي ـ ولهذا فإنّ ابن عباس أطلق على هذا اليوم الذي حال فيه عمر بين رسول الله وكتابة وصيّته ، ب « يوم الرزية » (١).
وقد صرّح عمر بعد بأنّ رسول الله ( أراد أن يصرّح باسم علي بن أبي طالب ، فمنعته ) (٢).
الشائعة الخامسة : النبي مجتهد.
والقصد منها إقناع المسلمين بانّ رسول الله صلّى الله عليه وآله ليس أكثر من مجتهد يقول برأيه ، فإن أصاب فله أجر ، وإن أخطأ فله أجران !
ولهذا اتّبعوا سياسة التبرير في تصرفاتهم المخالفة للقرآن والسنّة ، فهم اجتهدوا كما اجتهد الرسول ، فعمر اجتهد بمنع رسول الله من كتابة وصيّته واتّهامه بالهذيان ، وأبوبكر اجتهد بتخلّفه عن سرية اُسامة (٣) ، التي لعن رسول الله المتخلّفين عنها ، وخالد بن الوليد اجتهد عندما قتل مالك بن نويرة وتزوّج
__________________
(١) راجع صحيح البخاري ٦ : ١١ وج ٩ : ١٣٧ ، صحيح مسلم ٢ : ١٦ وج ٥ : ٧٥، مسند أحمد ١ : ٢٢٢ و ٣٥٥ ، تاريخ الطبري ٣ : ١٩٣ ، الكامل في التاريخ : ٢ : ٣٢٠ ، شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٢ : ٨٧.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ١٢ : ٧٩.
(٣) برّر ابن أبي الحديد تخلّف أبوبكر وعمر عن جيش اُسامة بقوله : « إنّ الرسول كان يبعث السرايا عن اجتهاد لا عن وحي يحرم مخالفته ». انظر : شرح نهج البلاغة ١٧ : ١٨٨.