يمكن جعله كاشفا عن سبق البيان إذ من البعيد أن النّبيّ صلىاللهعليهوآله بيّنه وخفي على الجميع إذ المفروض عدم ذكر الخاص في غير كلام الإمام وذكر بعضهم أنه يجوز جعله مخصّصا ونلتزم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة لحكمة اقتضت إخفاء المخصّص عليهم وجعل العموم حكما ظاهريّا لهم إذ لم يكن الفرد المخرج مرادا من العام أوّلا لكن أخفى الخروج لمانع عن إظهاره أو حكمة في ذلك وفيه إشكال الثّاني تعارض التّخصيص والتّقييد وبما ذكرنا من أن ظهور العام وضعي وظهور التّقييد إطلاقي وأنّ الأوّل يقدّم على الثّاني عرفت لزوم تقديم التّقييد على التّخصيص ومثلوا لذلك بقوله تعالى أوفوا بالعقود فإنّ ثبوت الخيار للغبن في الجملة لا إشكال فيه إنّما الخلاف في أنّه فوري أو متراخ فقيل بالثّاني لاستصحاب الخيار وقيل بالأول لدوران الأمر بين جعل الخيار متراخيا وإخراج البيع المغبون فيه عن عموم العقود الواجب الوفاء بها وبين جعله فوريّا وتقييد إطلاق لزوم الوفاء بغير الحالة الآنية المتعقبة بالعلم بالغبن والتّقييد مقدم على التّخصيص فيثبت الفوريّة وبعده لا يجري الاستصحاب لأنّه مناف مع عموم الآية كما عرفت ورده بعض المحققين بأنّ الآية ليست موردا لتعارض التّقييد والتّخصيص لأنّ إطلاق اللّزوم المستفاد من الآية يفيد العموم بالنسبة إلى جميع الأزمان فإن كان العموم المستفاد منه عموميّا مجموعيّا يكون المعنى يجب الوفاء الدائم بكلّ عقد فيكون لكل عقد حكم واحد هو وجوب الوفاء المستمر فإذا ثبت الخيار لبيع المغبون في الجملة فقد ارتفع الحكم المذكور عن هذا العقد إذ لا يجب فيه الوفاء المستمر فيخصّص به عموم العقود سواء ثبت التّراخي أو الفور وحينئذ فيجوز التّمسّك للتّراخي باستصحاب الخيار وإن كان العموم المستفاد منه عموما أفراديّا يكون المعنى يجب الوفاء بكل عقد في كل زمان فيكون لكل عقد أحكام متعدّدة بحسب تعدّد أجزاء الزّمان فوجوب الوفاء في الزّمان الأوّل غيره في الزمان الثّاني فإن قلنا بثبوت الخيار فورا خصّص العموم المذكور بالنّسبة إلى الزمان الأول وإن قلنا بكونه متراخيا خصّص العموم بالنّسبة إلى جميع الأزمان وخصّص عموم العقود أيضا ولا يمكن التّمسك للتّراخي باستصحابه إذ إثبات الخيار في الزمان الثّاني تخصيص آخر يحتاج إلى دليل والحكم الثّابت فيه غير الثّابت في الأول فبارتفاع أحدهما لا يرتفع الآخر وبالجملة الأمر في الآية إمّا منحصر في التّخصيص وذلك إذا قلنا بإفادة العموم المجموعي أو دائر بين تخصيص واحد وأكثر وذلك إذا قلنا بإفادة العموم الأفرادي وعلى الأوّل يمكن استصحاب الخيار دون الثّاني فالمثال الأصحّ لمورد تعارض التّقييد والتّخصيص هو ما إذا تعلق حكم بمطلق وآخر بعام وكان بينهما تناف كما لو قال أكرم العلماء وإن ضربك رجل فلا تكرمه فلا بد إمّا من تقييد الرّجل بغير العالم أو تخصيص العلماء بغير الضّارب لا إذا تعلق حكم مطلق بعام كالآية هذا