قيل إن هذه الوجوه الاعتباريّة مظنّة التّرجيح والمعتبر هو ما كان مأنة للتّرجيح والمراد بالأوّل شأنيّة التّرجيح وبالثّاني فعليّته كالغلبة فبالجملة المدار في التّرجيح هو الغلبة وأمّا تفصيل أقسام التّعارض بين النوعين منها فالأوّل تعارض النسخ مع الأربعة الباقية وقد ذكروا وجوب تقديم غيره عليه لوجوه أحدها ندرة النّسخ وغلبة غيره والثّاني أنه إذا عارض مع التّخصيص دار الأمر بين رفع اليد عن ظهور العام في العموم ورفع اليد عن ظهور الحكم في التّأبيد أقوى من ظهور العام في العموم كذا قيل وفيه نظر لأنّ ظهور العام في العموم وضعي وظهور الحكم في التّأبيد إنّما هو لإطلاقه وظهور المطلق في جميع الأفراد إنّما هو لحكم العقل بأنّه متى لم يبيّن القيد كان المراد لجميع والظّهور الوضعي أقوى وهو كالبيان للقيد فإذا قال لا تكرم زيدا بعد قوله أكرم العلماء واحتمل التّخصيص والنسخ فإن حملناه على التّخصيص لم يقيد الإطلاق بالنسبة إلى الأزمان وإن حملناه على النّسخ لم يخصّص العام ولما كان ظهور العام في العموم وضعيّا يحمل عليه بمقتضى وضعه ويقيد الإطلاق ولا يعارضه حكم العقل بالإطلاق لأنّه مشروط بعدم القيد فإذا ثبت القيد بالدليل لم يبق حكم للعقل كما قيل بتقديم النّهي في مسألة اجتماع الأمر والنّهي لأنّ دلالته على العموم وضعي ودلالة الأمر عليه إطلاقي الثّالث الأخبار الدالة على عدم وقوع النّسخ في الشّريعة نحو حلال محمّد صلىاللهعليهوآله حلال إلى يوم القيامة إلخ ونحو حكم الله على الأوّلين والآخرين سواء فمتى ثبت النّسخ بالدّليل فهو وإلاّ بقي تحت الأخبار المذكورة كذا قيل وفيه أنّ المراد في الأخبار إمّا نفي النّسخ الشّريعة نوعا بشريعة أخرى أو نفي نسخ الأحكام الثّابتة للموضوعات وعلى الأوّل لا دخل له بالاستدلال هو ظاهر وعلى الثّاني أيضا كذلك إذ المراد أنّ الحكم الثّابت لموضوع لا يتغيّر بتغير الأزمنة بأن يكون حكم الغائبين مخالفا مع حكم الحاضرين من حيث كونهم غير الحاضرين وأمّا عدم تغيّره بتغيّر المصلحة والمفسدة المغيّرة للموضوع واقعا فلا دلالة فيها عليه فالأحسن هو التّمسّك بندرة النّسخ لما عرفت من أنّ المدار في التّرجيح في المقام على الغلبة ثم إنّهم فصّلوا في تعارض النّسخ والتّخصيص تفصيلا وهو أنّه إن كان الخاصّ مقدّما على العام وجب القول بكون العام ناسخا له ولا يمكن جعل الخاصّ مخصّصا للعام لعدم جواز تقديم البيان على المبين وأورد عليه بجواز تقديم ذات البيان وتأخير وصف المبيّنة وإن كان الخاصّ متأخّرا فإن كان قبل حضور وقت العمل بالعام وجب جعله مخصّصا لعدم جواز النّسخ قبل وقت العمل وإن كان بعده وجب جعله ناسخا لعدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة وإن وقع العام في كلام النّبيّ صلىاللهعليهوآله والخاص في كلام الإمام ففيه إشكال إذ لا يمكن جعله ناسخا لعدم جواز النّسخ بعد انقطاع الوحي إجماعا ولا مخصّصا لعدم جواز تأخير البيان عن وقت الحاجة ولا