حاصل ما أفاده والحق أنّ الآية ليست موردا لتعارضهما لا لما ذكره وأن التّمسك بالاستصحاب باطل مطلقا وذلك لأن مقتضى الأمر في الآية هو وجوب الوفاء في الجملة وأمّا الإطلاق المقتضي للعموم فإنّما هو لحكم العقل بأنّه متى لم يذكر القيد فالمراد هو الجميع وأدلّة إثبات الخيار أيضا دالّة على ثبوته في الجملة فلا تعارض بينهما وبين الآية مع قطع النظر عن الإطلاق إذ لا تعارض بين المهملتين كما يقال الحيوان ناطق والحيوان غير ناطق والإنسان ضاحك والإنسان غير ضاحك فعموم العقود سالم عن المعارض ولا وجه لتخصيصه إنّما التّعارض بين إطلاق الآية وأدلّة ثبوت الخيار فيقيد الإطلاق بما ثبت التّقييد فيه وهو الآن الأوّل ويبقى الباقي تحت الإطلاق وبعد ثبوت الإطلاق لا وجه للاستصحاب لأنّه دليل حيث لا دليل وما ذكره الفاضل المذكور من أنه إذا كان المستفاد هو العموم المجموعي جاز الاستصحاب لا وجه له لما عرفت أن العموم هو مفاد الإطلاق بحكم العقل لا بمقتضى اللّفظ فإنّه لا يدلّ إلاّ على نفس الماهيّة وحينئذ إذا ارتفع العموم المجموعي بأدلّة الخيار ارتفع الإطلاق المقتضي له لكن بقي مقتضى اللّفظ وهو وجوب الوفاء في الجملة بعد الآن الأوّل الّذي هو المتيقّن في القيد فيقتضي العقل الإطلاق بعد الآن الأوّل لعدم المقيد وبعد وجود الإطلاق لا معنى للاستصحاب نعم لو قلنا إن بارتفاع الإطلاق بسبب وجود قيد يرتفع مقتضى اللّفظ كليّة لأنّ مقتضاه هو الإطلاق صح ما ذكر لكن ليس كذلك إذ الإطلاق شيء ونفس الماهيّة شيء آخر لا يرتفع بارتفاعه فافهم الثّالث تعارض التّخصيص والمجاز والتّخصيص مقدّم على المجاز سواء كان المجاز في العام أو في غيره إلاّ في الأمر باحتمال إرادة النّدب منه إذ المدار على الغلبة والتّخصيص أغلب من المجاز نوعا إلاّ من استعمال الأمر في النّدب فإنه أيضا لا يقصر عن التّخصيص في الشّيوع ومثال تعارضهما في العام قولك أكرم العلماء ولا تكرم زيدا العالم لاحتمال إرادة الجهلاء من العلماء مجازا فلا تخصيص وتعارضهما مع كون المجاز في شيء آخر المقال المذكور إذا احتمل إرادة ولد زيد مجازا وتعارضهما مع كون المجاز في الأمر قوله تعالى فاستبقوا الخيرات لعدم وجوب الاستباق إلى جميع الخيرات فإما يراد بعض الخيرات أو يراد النّدب من الأمر هذا بالنظر إلى ملاحظة المجاز والتّخصيص في نفسه ومع قطع النظر عن خصوص المقامات وإلاّ فقد يوجد مرجح للمجاز وموهن للتّخصيص فيجب تقديم المجاز كما في الآية لضعف التّخصيص فيه بكونه تخصيص الأكثر الرابع تعارض التّخصيص والإضمار ولا شبهة في تقديم التّخصيص لغلبته وما قيل من أنّه لا يخلو كلام عن إضمار لعدم خلوّ النسبة عن زمان ومكان وهما لا يذكران في الكلام غالبا ففي مثل ضربت زيدا أو قام زيد أضمر في الدّار يوم الجمعة مثلا ففيه أن الكلام في الإضمار الّذي يكون مقصودا للمتكلّم وهو نادر جدّا