فإنه حكم عقلي
موضوعه مطلق التّكاليف الشّرعيّة أعم من التّكليف الواقعي والتّكليف الظاهري
الثّابت بالاستصحاب كما إذا شكّ في بقاء حرمة وطي الحائض بعد الانقطاع فتثبت
بالاستصحاب حرمته الظاهريّة فيحكم العقل بوجوب إطاعته وفي هذا القسم يثبت
بالاستصحاب الصغرى وهي أنّ ذلك تكليف وأمّا الكبرى فدليله العقل وثانيها أن يكون
الحكم ثابتا للموضوع الواقعي كحرمة التّصرّف في المال فإنّها من أحكام الحياة
الواقعيّة فباستصحاب حياة زيد يراد جعل الأحكام الثّابتة للحياة الواقعيّة للموضوع
المشكوك وفي هذا القسم يثبت الكبرى بالاستصحاب وهو أنّ كلّ حيّ يحرم التّصرف في ماله
حتى الحيّ بالاستصحاب وأمّا الصغرى فليس المراد إثباتها بالاستصحاب إذ ليس الحياة
أمرا قابلا للجعل بل المقصود جعلها مفروض الوقوع ليترتّب عليه الآثار والحاصل أنّ
الغرض في هذا القسم ليس إثبات الصغرى بل المراد فرضه واقعا ولا يكفي فرض الصغرى في
إثبات الحكم كالقسم الأوّل لأن الدّليل الدال على ثبوته مختصّ بالموضوع الواقعي
وهو لا يثبت بالاستصحاب وإنّما يثبت الموضوع الظّاهري فالغرض من الاستصحاب حينئذ
جعل الأحكام للموضوع المستصحب فيتحقّق في هذا القسم جعلان أحدهما جعل الأحكام
للموضوع الواقعي وهو ثابت بالدليل الدالّ عليه والثّاني جعل الحكم للموضوع
المستصحب وهو ثابت بالاستصحاب وحينئذ فلا بدّ أن يكون الآثار التي يراد إثباتها
أمرا قابلا لجعل الشّارع كعدم جواز التّصرف في المال في المثال المفروض وأمّا
اللّوازم العادية كبياض اللّحية في المثال فلا ينجعل بالجعل الحقيقي وهل ينجعل
بالجعل الفرضي ليترتّب عليه الآثار أو لا فلو نذر التّصدّق بدرهم عند بياض لحية
زيد فبعد استصحاب حياته يترتب عليه عدم جواز التّصرّف في ماله بلا إشكال وهل يحكم
بانجعال بياض لحيته بمعنى ترتب الآثار عليه وهو وجوب التّصدّق بدرهم في المثال
المذكور أو لا هذا هو الأصل المثبت الذي يتنازع في حجيّته وحاصله أن يثبت باستصحاب
شيء الآثار المترتّبة على لوازمه العادية أو العقليّة الثّانية إذا كان للشّيء
الواحد عنوانان وكان له حكم بعنوان فلا يسري إلى العنوان الآخر ويظهر الثّمرة عند
انفكاك العنوانين إمّا واقعا أو ظاهرا فالأوّل كالبنت فإنها موضوع ذات عنوانين
البنتيّة وأخت الولدية والحرمة إنّما هي لعنوان البنت فلا يسري إلى أخت الولد
فيجوز نكاح أب المرتضع في أولاد صاحب اللّبن لو لا النصّ فإنّ أولاده أخت للولد لا
بنت والثّاني كالماء الكر المتحقّق في الحوض فهناك عنوانان أحدهما وجود الكر في
الحوض والثّاني كريّة الماء الموجود في الحوض وصيرورة المغسول طاهرا إنّما هو من
لوازم العنوان الثّاني وهو كريّة الماء الموجود فلا يسري إلى الأوّل ويظهر الثّمرة
فيما إذا نقص الماء قليلا وشكّ في كرّيته ثم غسل الثّوب