لو جعلنا المراد به الكلي الّذي فيه احتمال الحل والحرمة حكما أو من المشتبه فالحكم إنّما هو على هذا الكلي بأنّه حلال بقول مطلق إلاّ إذا علم كونه حراما شرعيّا أو في ضمن فرده المعلوم الحرمة فإنّ الموضوع للحكم بالحليّة حينئذ ليس هو الكلي بجميع أفراده لأنّ المعلوم الحليّة لا يغني حليته بشيء فالموضوع من أفراده حينئذ هو المشتبه فيرجع المفهوم إلى منتفية الموضوع والعجب من بعض الأفاضل أنّه مع جعله الشّيء عبارة عن الكلي المشتمل على النّوعين لم يعترف بصيرورة المفهوم سالبة منتفية الموضوع ولا وجه له وكيف كان فالحديث ظاهر في الشّبهة الموضوعيّة لأنّ الشّبهة في الحكم لا تناط بالعلم باشتمال الكلي على النّوعين ولا يغني حكمها بمعرفة النّوع الحرام وهو ظاهر مع أنّه يمكن دعوى أنّ المراد بالشيء في الحديث هو الجزئي الخارجي الّذي علم اشتمال أمثاله على الحلال والحرام كاللّحم الموجود في السّوق فإنّا نعلم أنّ في نوعه حلالا خارجيا هو المذكى يعني ما تحقق فيه التّذكية وحراما خارجيا هو الميتة لا بمعنى الشّبهة المحصورة أو غير المحصورة بل بمعنى أنّه شيء يتحقق فيه هذان الوصفان في الخارج لا في عنوان الشّرع فهذا الشّيء حلال ما يتشخص كونه من الحرام الموجود وهذا هو المتبادر من الحديث دون ما قيل من أنّ المراد كل كلي كان له نوعان شرعا حلال وحرام فهو يعني مصداق المشتبه حلال ودون ما قيل إنّ المراد كل جزئي خارجي كان له عنوانان في الاحتمال حلال وحرام بأن احتمل دخوله في كل منها فهو حلال ودون ما قيل إنّ المراد كل جزئي كان في نوعه حلال وحرام شرعا كاللّحم الخاص فإنّ في نوع اللّحم عنوانا محللا ومحرما شرعا كالمذكى والميتة فهو حلال عند الاشتباه فإنّ علة اشتباه الحكم في الموضوع هو تحقق النّوعين في الخارج لا اشتمال النّوع على العنوانين شرعا فالمتجه هو ما ذكرنا وهذه المعاني كلها خلاف المتبادر ثم إنّ الحديث هل يشمل الشّبهة المقرونة بالعلم الإجمالي أو لا الحق هو الثّاني
أصل الاستصحاب
هو الحكم ببقاء ما كان ثابتا عند الشّك واختلفوا في اعتباره من جهة العقل أو الشّرع نفيا وإثباتا بالإطلاق والتّفصيل على أقوال ثم إنّه إذ أخذ من العقل فالمراد به حكم العقل الظّني بالبقاء ويلزمه حكم الشّرع إمّا لدليل الانسداد أو للأخبار ويكون أمارة اجتهاديّة ناظرة إلى الواقع مقدمة على الأصول العمليّة ويكون البحث عنه مسألة أصوليّة كالبحث عن حجّيّة الأخبار والمدرك لحصول الظّن إمّا قاعدة أنّ ما ثبت يدوم أو أنّ الممكن إذا كانت الرّاجح عند العقل بقاؤه أو الغلبة في الممكنات القارة أو المشكوكة البقاء أو بناء العقلاء الكاشف عن تقرير المعصوم عليهالسلام أو عن حكم العقل كسيرة المتدينين الكاشفة عن رأي صاحب الدّين أو لأنّ المقتضي مفروض الثّبوت واحتمال المانع مدفوع باحتمال عدمه فيعمل المقتضي عمله أو غير ذلك والكل ضعيف لمنع اقتضاء الثّبوت الدّوام ومنع الرّجحان كليّة والغلبة إنّما تنفع بعد استعلام مناط اللّحوق وهو غير ممكن في الأحكام عند الشّك في المقتضي لعدم انضباط أغراض الحاكم والشّك في الرّافع يختص مورده