بالنّسخ المجمع على أصالة عدمه عند الشّكّ وغلبة بقاء المشكوكات بوصف الشّك ممنوعة وعند زواله يرجع إلى ما سبق مع أنّ الغلبة إنّما تفيد الظّنّ الفعلي ولا عبرة به عندهم مع أنّه لا دليل على حجّيّة هذا الظّن سيما في الموضوعات ومن هنا عدل المتأخرون إلى جعله حجّة من جهة الأخبار تعبدا وحينئذ فيكون قاعدة فقهيّة نظير قاعدة الطّهارة والحليّة ونحوهما تجري في الأحكام والموضوعات وجريانها في الأوّل يتوقف على الفحص ولهذا اختص إعماله بالمجتهد ولا يوجب ذلك دخوله في قواعد الأصول ثم إنّ المناط فيه الشّكّ في بقاء شيء لموضوع ثابت في حال الشّك على نحو ثبوته في الزّمان السّابق موضوعا حتى يصدق على ترك البقاء أنّه نقض اليقين السّابق ولا فرق بعد ذلك بين أن يكون الثّابت في السّابق حكما شرعيّا أو عقليّا أو وصفا خارجيّا أو اعتباريّا وما يقال من منع جريانه في العقلي من جهة أنّه إذا شكّ في بقاء حكمه رجع الشّكّ إلى بقاء الموضوع لأنّ كل ما يعتبر في حكم العقل مأخوذ في موضوعه مدفوع أوّلا بالنقض بالحكم الشّرعي لأنّه أيضا يرد على الموضوع العقلي وثانيا أنّه يمكن أن يحكم العقل على موضوع يحكم حين اتصافه بوصف لا بشرط الوصف من غير أن يظهر له أنّ علة الحكم هو حدوث الوصف أو بقاؤه ومن جهة يشك في البقاء بعد زوال الوصف فيصدق على ذلك الموضوع أنّ ثبوت الحكم الشّرعي له كان متيقنا من جهة ملازمة الشّرع للعقل وزواله مشكوك فلا ينقض اليقين بالشّكّ فافهم ثم إنّهم استدلوا لاعتباره تعبدا بأخبار الأوّل صحيحة زرارة عنه عليهالسلام في الرّجل ينام وهو على وضوء أيوجب الخفقة والخفقتان عليه الوضوء إلى أن قال فإن حرك إلى جنبه شيء وهو لا يعلم به قال لا حتى يستيقن أنّه قد نام حتى يجيء من ذلك أمر بين وإلاّ فإنّه على يقين من وضوئه ولا ينقض اليقين بالشّكّ أبدا ولكن ينقضه بيقين آخر الخبر وظهور اليقين والشّكّ في العموم غير قابل الإنكار سيما وهو بمنزلة كليّة الكبرى للاستدلال على الجواب المقدر ودلالتها على الاستصحاب ظاهرة وأمّا حملها على عدم العبرة بالشّكّ السّاري إلى اليقين السّابق لتكون دليلا على قاعدة اليقين بقرينة ظهور اتحاد متعلقي اليقين والشّكّ المختص بمورد القاعدة بخلاف مورد الاستصحاب حيث إنّ متعلق الشّك فيه هو البقاء دون الثّبوت وظهور لفظ النّقض في ذلك أيضا وظهور قوله فإنّه على يقين من وضوئه لأنّ العبرة في الاستصحاب بالثّبوت في السّابق لا باليقين به سابقا فلو أريد الاستصحاب لقيل فإنّه كان على وضوئه يقينا فباطل إذ لو أريد التّخصيص بها لكان الجواب خارجا عن مورد السّؤال وإن أريد التّعميم للقاعدتين ففيه جمع بين المعنيين لأنّ معنى عدم نقض اليقين بالشّكّ الطاري معناه الحكم ببقاء ما ثبت مع عدم النّظر إلى ثبوته وبالشّكّ السّاري معناه الحكم بالثّبوت في الزّمان الأوّل مع عدم النّظر إلى بقائه فالجمع بينهما غير جائز لعدم الجامع وبعبارة أخرى لما كان مقتضى ظاهر لفظ النّقض اتحاد متعلقي اليقين والشّك كان اللازم عند إرادة الشّك السّاري من لفظ الشّك أن يراد من اليقين اليقين بالثّبوت