التّبين على الفسق فيكون المعنى أنّه لا يعتنى بالخبر أصلا ومطلقا إذا كان المخبر فاسقا أو إذا كان عادلا فليس كذلك بل مخبره إمّا بلا اشتراط كما في الأحكام أو بشرط الانضمام كما في الارتداد ولكن لا يمكن التّمسك بالآية حينئذ على حجّيّة خبر العادل في موارد الشّك لأنّ المهملة لا حجّة فيه على الخصم نعم يمكن التّمسك على الحجّيّة في الأحكام إذا لم يقل أحد باشتراط تعدد العدل فيها فمتى ثبت اعتبار قول العدل فيها في الجملة ثبت مطلقا بالإجماع المركب فتأمل الثّالث أنّ ذكر الشّرطيّة في الآية إنّما هو لبيان موضوع الحكم فلا يكون لها مفهوم كما في قولنا إن مات زيد فادفنه وإن ركب فخذ ركابه وذلك لأنّ التّبين عن النبإ لا يمكن إلاّ عند المجيء به ويمكن الجواب عنه بأنّ الشّرط ليس مطلق المجيء بل مجيء الفاسق ولا ريب في أنّ إمكان التّبين عن النّبإ لا ينحصر في صورة مجيء الفاسق به لإمكان تحققه عند انتفاء هذا الشّرط أعني مجيء العادل فلا يكون الشّرط لبيان تحقق الموضوع الرّابع أنّ مفهوم الآية معارض بمنطوق التّعليل المذكور في ذيلها حيث يقتضي عدم اعتبار غير العلم وبينهما عموم من وجه لأنّ المفهوم يقتضي حجّيّة خبر العادل أفاد العلم أم لا والتّعليل يقتضي عد حجّيّة غير العلم سواء كان خبر العادل أم لا ولا مرجح لتخصيص أحدهما بالآخر فالمرجع أصالة عدم حجّيّة الظّن وأجيب عنه بأنّ المفهوم أخص مطلقا من التّعليل لاختصاصه بخبر العدل الغير العلمي لأنّ المفهوم يجب اتحاده مع المنطوق موضوعا ولا ريب في أنّ الموضوع في المنطوق هو الخبر الّذي لا يفيد العلم وإلاّ لم يجب التّبين فيكون المفهوم مختصا به أيضا فالأولى في تقرير الاعتراض أن يقال إنّ تعليل الحكم بشيء يوجب تبعيّة الحكم للعلة في العموم والخصوص كقول الطبيب لا تأكل الرّمان لكونه حامضا فيتعدى إلى كل حامض كما يقتصر من الرّمان على خصوص الحامض هذا في غير الجملة الشّرطيّة وأمّا فيها فلما كانت هي ظاهرة في المفهوم وقع التّعارض بين الظّهورين ظهور الجملة في المفهوم وظهور التّعليل في العموم فلا بد من ترجيح أحد الظّهورين وطرح الآخر فإنّ رجحان التّعليل طرحنا المفهوم وبالعكس وحيث لا ترجيح فالمرجع هو الأصل وأجيب بأنّ المراد بالجهالة هو السّفاهة فيكون العلة هي إصابة القوم بسفاهة وهذه هي العلة في وجوب التّبين عن خبر الفاسق وهذه العلة منتفية في خبر العادل لأنّ العمل بقوله ليس سفاهة بحسب العرف لبناء العقلاء عليه ويشكل بأنّ العمل بخبر الفاسق قبل التّبين العلمي إن كان سفاهة لم يكن يصدر من الصّحابة لأنّهم عقلاء فلا معنى لنهيهم عنه بل الظّاهر أنّهم لم يكونوا يعملون به إلاّ بعد حصول الظّن لهم ومعه فليس العمل به سفاهة فالأولى أن يقال إنّ الغرض من ذلك تنبيهم على أنّ الفاسق ليس أهلا للاطمئنان من جهة عدم وجود الرّادع عن الكذب فيه فحصول الظّن بقوله ظن بدوي فلا ينبغي أن يلتفت إليه وهذه العلة منتفية في خبر العادل فإذا حصل الاطمئنان بقوله فلا جهالة في العمل به فتدل الآية على حجّيّة