الاطمئنان المستقر من أي شيء حصل وعلى هذا فيكون المراد بالجهالة خلاف الاطمئنان والمراد من التّبيّن طلب ظهور الحال أعم من العلمي أو الظّني غاية الأمر تقييده في المورد بخصوص العلمي وهو غير قادح وقد يقال إنّ الجهالة معناها خلاف العلم والمراد من التّبين هو خصوص العلمي ومع ذلك فليست العلة مشتركة وذلك لأنّ الجهالة تارة يراد بها عدم العلم أي الاعتقاد الجازم المطابق فيصدق على الشّكّ والظّنّ المطابق وغير المطابق والجزم غير المطابق وهذا المعنى غير مراد لأنّ العمل بالظّنّ المطابق لا يورث النّدم وقد تطلق على الاعتقاد الغير المطابق وهو المراد لأنّه الّذي يورث النّدم بسبب انكشاف خطائه ثم إنّ حصول اعتقاد الخطإ من خبر الفاسق تارة يكون من جهة سهوه وغفلته وأخرى من جهة تعمده للكذب والّذي يناسبه وصف الفسق هو الثّاني وحينئذ فيكون وجوب التّبين العلمي عن خبر الفاسق من جهة كونه سببا للوقوع في اعتقاد الخطإ من جهة احتمال تعمده الكذب بحسب النّوع فهذا هو الباعث لعدم جواز الرّكون إليه والعمل بخبره وهذه العلة منتفية في خبر العادل لانتفاء احتمال تعمد الكذب غالبا في حقه فهو من هذه الجهة لا يوقع في الخطإ وإن أوقع فيه من جهة احتمال السّهو والنّسيان لكنّه ليس علة لوجوب التّبين في خبر الفاسق حتى يقال بثبوت هذه العلة في العادل أيضا وحينئذ فلا تعارض بين المفهوم والعلة أصلا والحاصل أنّ الآية أنّما تدل بحسب المفهوم على عدم الاعتناء باحتمال تعمد الكذب في العادل لأنّ فيه رادعا عنه بحسب الأغلب بخلاف الفاسق والأحكام الشّرعيّة تتبع الحكم الغالبة فلا يلزم فيه الاطراد وأمّا احتمال الخطإ والسّهو فالآية ساكتة عن نفيه وإثباته وإنّما يرجع فيه إلى أمر خارج ولهذا نقول بعدم الاعتناء به في المحسوسات لبناء العقلاء دون الحدسيّات وكذا نقول باشتراط كونه ضابطا لأنّ أصالة عدم السّهو والنّسيان لا يجري في غيره فافهم ويحتمل في الآية وجه آخر وإن كان ضعيفا وهو أن يكون المراد بالجهالة جهالة الفاسق المخبر فالمعنى تبينوا مخافة أن تصيبوا قوما بسبب الجهالة الثّابتة للفاسق حيث أخبركم كذبا فيكون أصابتكم للقوم مستندا إلى جهالته وهذه العلة منتفية في خبر العادل لأنّه ليس له جهالة بهذا المعنى غالبا والله العالم الخامس أنّ الآية ظاهرة في الإخبار بلا واسطة فلا تشمل أخبارنا الموجودة لكثرة الوسائط فيها بيننا وبين المعصوم وأجيب بأنّ كل واحد من تلك الوسائط يحكي خبرا بلا واسطة لأنّ إخبار الأخير إنّما هو عن إخبار سابقه وهو بلا واسطة وهكذا إخباره عن إخبار سابقه فيدخل الجميع في عنوان الإخبار من غير واسطة فيكون الجميع حجّة والأولى في تقرير الاعتراض أن يقال إنّ المراد من حجّيّة الخبر هو ترتيب آثار المخبر به عليه فحجّيّة الأخبار بالعدالة معناها وجوب ترتيب آثار العدالة الواقعيّة على الإخبار بها فيجب أن يكون للعدالة حكم واقعي قبل ذلك ليجب ترتيبها بدليل الحجّيّة وهذا المعنى مفقود في الإخبار الثّاني فإنّ حجّيّة إخبار زرارة عن محمد بن مسلم مثلا معناها