بقوله تعالى ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل وقد يتمسك لعدم الحجّيّة بقاعدة الاشتغال من وجهين أحدهما أنّ التّكليف بتحصيل الاعتقاد في الأحكام متيقن والأمر دائر بين مطلق الاعتقاد وخصوص الاعتقاد العملي ومتى دار الأمر بين المطلق والمقيد كان مقتضى قاعدة الاشتغال عدم الاكتفاء في الامتثال بالمطلق والثّاني أنّ العلم الإجمالي بوجود التّكاليف الواقعيّة حاصل ومقتضى ذلك وجوب الإتيان بكل ما يحتمل الوجوب دون الحرمة وترك ما يحتمل الحرمة دون الوجوب والتّخيير لو دار الأمر بين الاحتمالين وحينئذ فربما يكون العمل مطابقا للظّنّ كما لو ظن الوجوب وقد يكون مخالفا كما لو ظن الإباحة واحتمل الوجوب فيجب الإتيان للاحتياط فلو كان الظّن حجّة لوجوب الاقتصار في الامتثال على الظّن وهو ينافي قاعدة الاشتغال الحاكمة بعدم جواز الاقتصار في الامتثال على الظّنّ ومما ذكرنا يظهر فساد ما توهم من أنّ قاعدة الاشتغال تثبت حجّيّة الظّنّ لعسر الاحتياط بالإتيان بجميع المحتملات فيقتصر على الظّن لقبح ترجيح الوهم عليه وجه فساده أنّ الاقتصار على الاحتمال الظّنّي من جهة العسر ليس من حجّيّة الظّنّ في شيء وإنّما هو تبعيض في الاحتياط لعسر الاحتياط الكلي واعترض على الوجه الأوّل بأنّ الحاكم لا يجوز له الجهل بموضوع حكمه والحاكم بلزوم تحصيل الاعتقاد هو العقل فلا يجوز دوران الأمر عنده بين المطلق والمقيد ليجب الأخذ بالمقيد من باب قاعدة الاشتغال وفيه نظر لأنّ مبنى هذا الوجه إنّما هو على كون لزوم تحصيل الاعتقاد شرعيّا لا عقليّا والحاكم بالاشتغال هو العقل ويجوز جهل العقل بموضوع الحكم الشّرعي كما في سائر مجاري القاعدة المذكورة فافهم وقد يتمسك لأصالة عدم الحجّيّة بالآيات النّاهية مثل قوله تعالى وما يتبع أكثرهم إلاّ ظنا إنّ الظّن لا يغني عن الحق شيئا سبحانه على متابعة مطلق الظّن فيكون الأصل فيه عدم الحجّيّة واعترض عليه بوجوه منها أنّه يلزم من العمل بها عدم العمل بها لأن مدلولها ظني أيضا فيشمل نفسه وما يلزم من وجوده عدمه فهو محال وأجيب عنه بوجهين أحدهما أنّ مدلولها عدم حجّيّة الظّنون المشكوكة الاعتبار والظّن الكتاب مقطوع الاعتبار وفيه أنّ ظاهر الآية العموم لكل ظن وحينئذ فيقع الإشكال في صيرورتها قطعيّة الاعتبار مع أنّ مضمونها عدم حجّيّة نفسها إذ قطعيّة الاعتبار ولا يخرجها عن ظنّيّة الدّلالة نعم لو استفيد منها القطع بالحكم لم يلزم المحذور والثّاني أنّها غير منصرفة إلى نفسها وفيه أنّه أنّما هو لضيق العبارة عن شموله وإلاّ فيعلم أنّ المناط هو الظّن من غير خصوصيّة وذلك نظير قول السّيد بعدم حجّيّة خبر الواحد ونقله الإجماع عليه فإنّه لا يشمل نفسه لكن لو سئل السّيد إن نقل لنا إجماعك لخبر الواحد فهل هو حجّة لنا فليس له بد من أن يقول لا فيلزم من حجّيّة قوله عدمه ومنها أنّ الآية موردها أصول الدّين