الشّكّ في الحجّيّة وهو يقيني الثّبوت مع قطع النّظر عن الأصل فلا فائدة في الأصل المذكور ونظير ذلك ما قيل من أنّ الاستصحاب إنّما يجري فيما لو أريد إثبات الحكم لموضوع متيقن في السّابق مشكوك في اللاحق فيحكم بثبوت ذلك الموضوع في اللاحق ليترتب عليه حكمه وحينئذ فلو كان هناك حكم وارد على نفس الشّكّ في ثبوت ذلك الموضوع لم ينفع الاستصحاب في إجرائه لتحقق موضوعه مع قطع النّظر عن الاستصحاب فنقول في المقام إنّه لو قطع النّظر عن كون عدم الحجّيّة متيقنا في السّابق فالعقل قاطع بالحرمة لوجود موضوعها وهو الشّك في الحجّيّة ونظير ذلك الحكم بوجوب تحصيل البراءة اليقينيّة بعد اليقين بالاشتغال وعدم الاكتفاء بالشّكّ في البراءة فإنّه لا فائدة في استصحاب الاشتغال في الحكم بوجوب تحصيل القطع بالبراءة لكن بين المقامين فرق وهو أنّ الحكم في مسألة الاشتغال إنّما هو وارد على نفس اليقين السّابق فإنّ من أحكامه العقليّة وجوب تحصيل القطع بالبراءة فمتى تحقق موضوعه ترتب عليه الحكم من غير حاجة إلى استصحاب الاشتغال في حال الشّكّ في البراءة بل لا فائدة في استصحابه وفي هذه المسألة إنّما يرد الحكم على نفس الشّكّ في الحجّيّة مع قطع النّظر عن كونها متيقن العدم في السّابق والحاصل أنّه متى كان الحكم واردا على نفس اليقين السّابق أو على نفس الشّكّ اللاحق فلا مسرح فيه للاستصحاب للقطع بالحكم بعد القطع بموضوعه ومسألة الاشتغال من قبيل الأوّل وهذه المسألة من قبيل الثّاني وما ذكره الفاضل المذكور من أنّ مسألة الاشتغال أيضا من قبيل الثّاني لأنّ نفس الشّك في البراءة كاف في الحكم بوجوب تحصيل القطع بها غير صحيح إذ لو صح ذلك لوجب الاحتياط عند الشّك في التّكليف أيضا لوجود الشّك في البراءة فالتحقيق ما عرفت من أنّ جريان استصحاب الاشتغال إنّما هو لكون وجوب تحصيل القطع بالبراءة إنّما هو من أحكام نفس اليقين السّابق وهو متيقن الثّبوت فيكون حكمه ثابتا من غير حاجة إلى إحراز الاشتغال في الزّمان الثّاني ونظير ذلك ما لو نذر أنّي متى تيقنت وجود زيد في يوم الجمعة أتصدق على الفقراء بدرهم ثم حصل اليقين بوجوده في يوم الجمعة ثم شك في وجوده يوم السّبت فالحكم بوجوب الصّدقة لا يتوقف على استصحاب وجوده إلى يوم السّبت بل لا فائدة في الاستصحاب المذكور في ذلك الحكم أصلا فتأمّل وهل الحكم في المعاملات أيضا كذلك فلا يحتاج إثبات الفساد إلى أصالة عدم الصّحة بل نفس الشّك في الصّحة كاف في الحكم بالفساد أو لا بل يحتاج إليها ربما يتوهم الأوّل نظرا إلى أنّ الشّك في الحرمة لما كان كافيا في الحكم بالحرمة كان كافيا في الحكم بالفساد أيضا وليس كذلك لأنّ الشّكّ في الحرمة كاف في الحكم بالحرمة التّشريعيّة ولا يثبت الحرمة الذّاتيّة بل لو ثبت الحرمة الذّاتيّة أيضا لم يدل على الفساد لعدم التّلازم بين الحرمة والفساد وحينئذ فلا بد من إثبات الفساد بالأصل ويثبت