فلا تشمل مطلق الظّن فإنّ العموم المستفاد من المطلق بدليل الحكمة مشروط بعدم كون بعض الأفراد متيقن الإرادة وإلاّ لم يجر دليل الحكمة كما هنا للقطع بإرادة الظّن في أصول الدّين لأنّه مورد الآية فلا داعي للحمل على غيره سيما في المسبوق بالمنكر فإنّه قرينة على حمل اللام على العهد الذّكري وإن قلنا بمجازيّته هذا مع أنّه أولى من التّخصيص اللازم من الحمل على العموم لخروج كثير من الظّنون عن تحت الآية وما يقال من أنّ العبرة بعموم اللّفظ لا بخصوص المورد إنّما هو في العموم الوضعي لا في الإطلاقي والجواب أنّ المناط في استفادة العموم حكمة إنّما هو كون اللّفظ بحيث لو عرض على العرف لم يكن هناك عندهم قرينة معيّنة لبعض الأفراد فحينئذ يحمل على العموم حكمة ونحن إذا عرضنا هذه الآية على العرف نراهم لا يفهمون التّخصيص بخصوص المورد بل إنّما يفهم عندهم أنّ المناط في الذّم على متابعة الظّنّ في الأصول إنّما هو كونه اتباع الظّنّ مذموم فيكون نظير قول الطبيب لمن يأكل الرّمان هذا يأكل حامضا وأكل الحامض مضر فلا يفهم منه اختصاص المضرة بحموضة الرّمان وهذا ظاهر جدا والجواب عن الاعتراض الأوّل أنّه إمّا يسلم قيام الدّليل القطعي على حجّيّة الظّن الكتابي أو لا فعلى الثّاني لا يصح الاستدلال من رأس لأنّه استدلال على عدم حجّيّة الظّنّ بالظّنّ وعلى الأوّل يجب تخصيص مضمون الآية بذلك الدّليل القطعي ووجهه ظاهر وقد يقال إنّه ليس تخصيصا بل هو من باب التّخصيص نظرا إلى أنّ العمل بالظن الكتابي ليس عملا بالظّنّ بل هو عمل بذلك الدّليل القطعي الموجب لحجّيّة ظاهر الكتاب أو من جهة أنّ قيام ظاهر الكتاب على شيء سبب شرعا لثبوته على المكلف واقعا وإن لم يفد الظّن كسائر الأسباب الشّرعيّة من اليد والفراش ونحوهما فليس فيه عمل بالظّنّ لكنّه فاسد جدا لأنّ قيام الدّليل القطعي على حجّيّة الظّن لا يوجب خروج الموضوع عن كونه عملا بالظّنّ بل هو عمل بالظّنّ غاية الأمر جوازه بالدليل القطعي فيلزم تخصيص ما دل على حجّيّة الظّن كليّة وحجّيّة الأمارات في الأحكام ليست من جهة السّببيّة على التّحقيق بل من جهة الكشف عن الواقع فحينئذ يكون عملا بالظّنّ فالتحقيق أنّه من باب التّخصيص كما عرفت فثبت مما ذكرنا أنّ الأصل الأوّلي هو عدم حجّيّة الظّنّ ويكفي في ذلك حكم العقل ولا حاجة إلى سائر الوجوه فحينئذ يجب بيان ما ادعي خروجه عن هذا الأصل بالخصوص أعني خبر الواحد فإنّ المعروف حجّيّته بالخصوص في الجملة والمراد به أنّه هل يثبت السّنة بنقل الواحد أو لا فنقول قد استدلوا على حجّيّته بوجوه من العقل والنّقل أمّا العقل فمن وجوه أحدها أنّ قيام الخبر على التّكليف موجب للظّنّ بترتب الفرد على تركه ودفع الضّرر المظنون واجب وفيه أوّلا أنّه لا يختص بالخبر بل يشمل مطلق الظّنّ وثانيا أنّه إن فرض عند التّمكن من العلم ففيه أنّ الضّرر حينئذ في الاقتصار على الظّن لاحتمال مخالفة الواقع