الإباحة في ذات العمل ليكون إثباته بوصف الوجوب بدعة بل لما شككنا في أنّ التّدين بالظّنّ حرام أو لا حكمنا بإباحته للأصل قلت ليس لنا شك في حرمة التّدين بالظّنّ ما لم يرد فيه الإذن فلا مجرى لأصالة الإباحة وبهذا علم الفرق بين إثبات الإذن في العمل بالظّنّ بالدليل الخاص وبين إثباته بأصالة الإباحة فإنّ الإذن المستفاد من الدّليل إنّما يرد على التّدين بالظّنّ الفلاني من حيث هو وبعد ورود الإذن يرتفع موضوع حكم العقل بالحرمة وأمّا الإذن المستفاد من الأصل فإنّما يرد على التّدين بالظّنّ إذا كان مشكوك الجواز فيجب أو لا إحراز الشّكّ في الجواز حتى يجري الأصل ونحن نعلم بالعقل المستقل أنّ التّدين بالظّنّ حرام ما لم يرد فيه الإذن الخاص فيرتفع الشّك الّذي هو موضوع الأصل فلا يجري أصل الإباحة حتى يستفاد منه الإذن ليرتفع موضوع البدعة ولو لا ما ذكرنا لجاز التّعبد بالشّكّ والوهم أيضا بل لم يتحقق للبدعة موضوع أصلا إلاّ في ما قطع بعدمه وليس كذلك وكذا نقول في مثال البيع الفرق ظاهر بين إثبات الحل بقول الله تعالى أحل الله البيع وبين إثباته بأصالة الإباحة فإنّ الأوّل إنّما يرد على ذات البيع فيقتضي إمضاءه ويرتفع الشّك رأسا ويترتب عليه الصّحة وأمّا الثّاني فإنّما يرد على البيع من حيث إنّه مشكوك الصّحة فلا يوجب ارتفاع الشّك في الصّحة فيبقى أصالة عدم ترتب الأثر بحالها والحاصل أنّ أصالة الإباحة وأصالة عدم ترتب الأثر كلاهما واردان على موضوع واحد هو البيع المشكوك الصّحة فلا يرتفع موضوع أحدهما بالآخر واللازم كون الأصل رافعا لموضوع نفسه وهو محال وكذا الكلام في إثبات حليّة المتعة بالأصل فإنّه إنّما يثبت حليته المتعة من حيث إنّها مشكوكة الصّحة فلا توجب ارتفاع الشّك في الصّحة فتجري أصالة عدم ترتب الأثر لأنّ مجراها الشّك في الصّحة وهو موجود لم يرتفع بأصالة الإباحة بخلاف ما لو قال الشّارع المتعة حلال فإنّه يرد على ذات المتعة لا من حيث إنّها مشكوكة الصّحة وإذا ثبت الحليّة لذات المعاملة ترتب عليها الآثار فكانت صحيحة ولا يجري حينئذ أصالة عدم ترتب الأثر لارتفاع موضوعها وهو الشّك فافهم وقد يتمسك لإثبات أصالة حرمة العمل بالظّنّ بأصالة عدم الحجّيّة واعترض عليه الفاضل الأنصاري رحمهالله بأنّ الحكم بالحرمة لا يتوقف على ثبوت عدم الحجّيّة ليتمسك في إحرازه بالأصل بل محض الشّكّ في الحجّيّة كاف في حكم العقل بحرمة العمل من غير حاجة إلى إحراز عدم الحجّيّة وحاصله أنّ أصالة عدم الحجّيّة لا يترتب عليها حكم في المقام لأنّ الحكم بالحرمة وارد على نفس