طرح الاستصحاب المعتبر شرعا بناء على حجّيّته في المقام وأمّا الثّاني فهو محل الكلام في المقام إذ الأوّل ليس من جهة حجّيّة الظّن في شيء فنقول قد يقال إنّ الأصل الأوّلي في الظّن الحجّيّة بمعنى جواز نسبته المظنون إلى الشّارع والتّدين به لأصالة الإباحة وأصالة الحل وهذا نظير تمسكهم في حليّة المتعة بأصالة الإباحة وفي أنّ الأصل في العقود الصّحة بأصالة الحل والإباحة ورد بأنّ أصالة الإباحة إنّما تجري في ما يشك في حرمته والتّدين بالظّنّ ليس مشكوك الحرمة بل هو مما يحكم العقل جزما بقبحه فلا يبقى مورد للأصل واعترض عليه بأنّ أصل تطبيق العمل على الظّنّ يحكم بإباحته من جهة أصالة الإباحة وإذا ثبت إباحته شرعا لزم التّدين به كما لو أباح الشّارع صريحا العمل بظن خاص وكذا نقول في البيع المشكوك صحته إنّ ذات البيع مباح بالأصل فثبت صحته كما لو ثبت الإباحة بقوله تعالى أحل الله البيع وأجيب عن هذا بأنّ البيع لا يكون مباحا إلاّ إذا ثبت القدرة عليه ولا يثبت القدرة إلاّ بعد ثبوت الصّحة فإثبات الصّحة بالإباحة دور ظاهر وفيه نظر لأنّ البيع عبارة عن الأمر العرفي الثّابت عندهم وصحته عبارة عن إمضاء الشّارع له فكل نقل وانتقال أمضاه الشّارع صح وإلاّ فلا وليس البيع عبارة عن النّقل الشّرعي ليتوقف القدرة عليه على الصّحة والتّحقيق في الجواب عن الإشكال في المقامين أن يقال إنّه قد ذكرنا أنّ للعمل بالظّنّ معنين أحدهما محض تطبيق العمل عليه بإتيان مظنون الوجوب وترك مظنون الحرمة والثّاني التّعبد به بمعنى إتيان مظنون الوجوب على أنّه واجب شرعا وترتيب آثار الواجب عليه أمّا المعنى الأوّل فقد عرفت أنّ الأصل فيه الجواز بمعنى أنّه إذا ظن وجوب الفعل جاز شرعا إتيان ذلك الفعل لا لأنّه مظنون الوجوب بل لأنّه لم يثبت فيه التّكليف شرعا وكل ما كان كذلك كان مباحا في الظّاهر فالإباحة إنّما تعلقت بإتيان ذات العمل حين كونه مشكوك الوجوب وليس هذا من حجّيّة الظّن في شيء وأمّا المعنى الثّاني فالأصل فيه الحرمة لحكم العقل بأنّه متى لم يثبت حجّيّة الظّن فالتّدين بمؤده على أنّه من الشّارع بدعة وقبيح فإذا ظن بوجوب شيء فالإتيان به على أنّه واجب وترتيب آثار الواجب عليه قبيح ما لم يثبت حجّيّة ذلك الظّن شرعا فموضوع أصالة الإباحة هو ذات العمل المشكوك وجوبه من حيث إنّه مشكوك وموضوع الحكم بالحرمة فهو إتيان العمل المشكوك وجوبه على أنّه واجب شرعا فجريان أصالة الإباحة في موضوعها لإثبات إباحة ذات العمل المشكوك وجوبه لا يوجب ثبوت الوجوب الذّات العمل شرعا ليرتفع موضوع حكم العقل بالحرمة البدعيّة بل يوجب تأكد حكم العقل بالحرمة البدعيّة لأنّه قبل إجراء أصالة الإباحة كان الإتيان به إدخالا لما يشك في وجوبه في الواجب الشّرعي وبعد إجراء الأصل يكون إدخالا لما يقطع بكونه مباحا في الظّاهر في الواجب الشّرعي والثّاني أقبح من الأوّل فإن قلت نحن لا نجري أصالة