وبملاحظته يحصل التّبادر فهو قول بمسبوقية التّبادر بالوضع ويرجع الدّور ورد بأنّه لا يقول باستناد التّبادر إلى نفس الوضع ولا إلى ملاحظة الشهرة بل يقول إن الغلبة سبب لحصول ربط وألفة ذهنيّة بين اللّفظ والمعنى بحيث صار سببا لتبادر المعنى من ذلك اللّفظ فالسامع ملتفت إلى الرّبط المذكور والناشئ من كثرة الاستعمال الّتي هي مركوزة في خزانة الخيال وإن لم يلتفت إليها في التّبادر لكن لا يعلم أن الربط المذكور هل هو وضع أم لا فالتّبادر الّذي هو من لوازم الوضع يعلم أن ذلك الرّبط هو الوضع والحاصل أن العلم بالوضع حاصل له قبل التّبادر إجمالا لا بعنوان أنه وضع بل بعنوان أنه ربط وبالتّبادر يحصل له العلم التفصيلي بأنه وضع نظير العلم بحدوث العالم بعنوان التّغيير ثم يحصل العلم التفصيلي بسبب ترتيب المقدمات بحدوث العالم بعنوان أنه عالم كيف ولا حدّ للاستعمال الكثير حتى يعرف به النقل بل لا يعرف النّقل بالتّبادر والفرق بين الاشتهاد هنا وفي المجاز المشهور وجوب ملاحظة الشهرة في المجاز فيحصل العلم بالمعنى المجازي في ضمن ملاحظة الشهرة لا بملاحظة الشهرة كما توهّم فإن معنى ملاحظة الشهرة أن يلاحظ كثرة استعمال اللّفظ في هذا المعنى فقد قصور المعنى حينئذ في ضمن تلك الملاحظة ولا يحتاج إلى قصور آخر بخلاف المجاز المستعمل مع القرينة كأسد يرمي فإن تصوّر المعنى يحصل فيه بملاحظة القرينة لا في ضمن ملاحظتها وأما المنقول فلا يحتاج إلى ملاحظة الشهرة بل الشهرة بلغت إلى حدّ حصل بها الرّبط الذّهني بين اللّفظ والمعنى بحيث لو قطع النظر عن تلك الشهرة لا تنسبق ذلك المعنى إلى الذّهن وإن كانت الغلبة مخزونة في خزانة الخيال لكن لا يلتفت إليها في التّبادر نظير ما ذكره بعض الأفاضل ردا على عصام الدّين في ادعائه تبعيّة الدلالة للإرادة مستدلاّ بأنّ شرط الدّلالة العلم بالوضع للمعنى فلا يمكن أن يكون المترتّب على الدلالة هو بالمعنى العام لحصوله قبله في ضمن العلم بالوضع فلا بدّ أن يكون الدلالة عبارة عن فهم المعنى بعنوان أنه مراد من أنه يجوز أن يكون الشخص عالما بالمعنى لكن لم يكن ملتفتا إلى علمه فبسماع اللّفظ يلتفت إلى علمه فلم يلزم تحصيل الحاصل لو لم يكن الدلالة تابعة للإرادة وبما ذكرنا علم الفرق بين المنقول والمجاز المشهور وسائر المجازات لعدم ملاحظة الشهرة في الأوّل وحصول العلم بالمعنى في ضمن ملاحظة القرينة أي الشهرة في الثّاني وبملاحظتها في الثالث هذا حاصل ما ذكر في الإيراد وفيه أن التّبادر ليس محض الخطور بالبال كيف وهو حاصل في المجاز أيضا فإن اللّفظ المستعمل في المعنى الحقيقي إذا سمع خطر المعنى المجازي بالبال أيضا فإنّ خطور أحد المتلابسين في الذهن بملاحظة الآخر مما لا يمكن إنكاره