لا يوجب فساد المعاملة في الواقع لأنّ الصّحة حكم وضعي لا يتغيّر بحسب الاعتقاد فإذا اعتقد الصّحة لزمه الالتزام بآثارها بخلاف من اعتقد الفساد وأمّا حرمة المعاملة من أحد الطّرفين فهل يستلزم حرمتها من الطّرف الآخر أو لا مثل قوله تعالى حرمت عليكم أمهاتكم فإنّه حرم الأمهات على الأبناء فهل يستلزم ذلك تحريم الأبناء على الأمهات مثلا أم لا قيل نعم لأنّ العقد أمر واحد ذات إضافة لا يمكن اجتماع الحرمة والإباحة فيه وهذا فاسد إذ لو أراد بالعقد الإيجاب والقبول فلا ريب في تعددهما وإن أراد منه الوطي فهو أيضا مختلف بالإضافة إلى الفاعل والقابل فإنّه باعتبار الفاعل معناه الواطئيّة وباعتبار القابل الموطوئيّة وقيل إنّه يستلزم حرمة الآخر لكونه إعانة على الإثم وفيه أنّ الكلام أنّما هو في الحرمة الذّاتيّة الثّابتة للطرف المحرم ويثمر فيها وصدر ذلك عنه جهلا بالحرمة أو نسيانا فإن قلنا بالحرمة من جهة كونه إعانة ارتفعت حينئذ إذ لا إثم حتى يكون ذلك إعانة وإن قلنا بالحرمة الذّاتيّة لم ترتفع والأولى أن يقال إنّ الحرمة إن كانت للمعاملة من أحد الجانبين ذاتا أي من حيث إنّها معاملة حرم الآخر أيضا لاقتضاء الحرمة بهذا النّحو الفساد والفساد لا يتبعض فيفسد من الجانب الآخر أيضا فيكون حراما بدعيا وإن كانت الحرمة باعتبار عنوان آخر كالبيع في وقت النّداء مع من لا يجب عليه الجمعة لم يحرم على الآخر إلاّ باعتبار الإعانة على الإثم فافهم
أصل في المفهوم والمنطوق
وتحقيق الكلام فيه في ضمن مطالب
الأوّل في بيان منابطهما
فنقول قسموا الدّلالة الوضعيّة أعني ما للوضع مدخل فيه إلى المطابقة والتّضمن والالتزام وذكروا أنّ المطابقة والتّضمن داخلان بأسرهما في المنطوق وأين الالتزام قسمان فمنه منطوق ومنه مفهوم والمدار فيهما على ذكر الموضوع وعدمه فالمنطوق هو الحكم أو الحال الثّابت لأمر مذكور والمفهوم هو الثّابت لأمر غير مذكور وإلى هذا يرجع التّعريف المشهور وهو أنّ المنطوق ما دل عليه اللّفظ في محل النّطق والمفهوم ما دل عليه اللّفظ إلاّ في محل النّطق بناء على جعل محل النّطق عبارة عن نفس الموضوع لأنّه لو كان مذكورا صدق عليه أنّه محل للنطق كما أنّه محل للحكم وإلاّ فليس في محل النّطق فالمعنى أنّ المنطوق هو الحكم الثّابت في موضوع هو محل النّطق أي مذكور ومنه يعلم معنى تعريف المفهوم بالمقايسة وهذا أولى مما ارتكبوه في التّعريفين لإرجاعها إلى ما ذكرنا من المحتملات حيث جعلوا محل النّطق ظرفا للموضوع فاحتاجوا في جعله حالا من الضّمير المجرور الرّاجع إلى المدلول إلى ارتكاب الاستخدام وكيف كان فنقول قد اعترض على الضّابط المذكور بأنّه منقوض من الطّرفين لأنّ مثل قوله صلىاللهعليهوآله رفع عن أمتي تسعة حكم لموضوع غير مذكور وهو الآثار أو المؤاخذة مع أنّهم عدوه من المنطوق الغير الصّريح وكذا قوله تعالى ولا تقل لهما أفّ فإنّ حرمة الضّرب معدودة في أقسام المفهوم مع أنّ الموضوع هو الوالدان المذكوران ومفهوم الشّرط نحو إن جاء زيد فأكرمه الموضوع فيه زيد وهو مذكور وكذا مفهوم الغاية صم إلى اللّيل الموضوع هو