واجب توصلي لا يسقط بالحرام أعني الأداء من مال الغير بغير إذنه مثلا وقيل بعدم اقتضاء الفساد من هذه الجهة نظرا إلى تعلق النّهي بالأمر الخارج بل الفساد ثابت من جهة أخرى في بعض الأوقات وذلك لأنّ الصّحة في العبادة والمعاملة يحتاج إلى ثبوت الدّليل وذلك الدّليل قد يكون مثبتا للحكم التّكليفي نحو أحلّ الله البيع ويجب الوضوء للصّلاة وقد يكون مثبتا للحكم الوضعي نحو البيّعان بالخيار ما لم يفترقا ولا صلاة إلاّ بستر العورة مثلا فعلى الأوّل إذا تعلق النّهي بفرد منها دل على فساده لارتفاع ذلك الحكم المقتضي للصّحة فيثبت الفساد بمقتضى الأصل وعلى الثّاني لا يدل على الفساد في المعاملة لعدم منافاة الحرمة مع الصّحة فيها ولا يرتفع الحكم الوضعي بالنّهي هذا ولكن الأدلّة الواردة في إثبات صحة المعاملات غالبا يقصد منها إثبات الحكم الوضعي وإن كانت بصورة الحكم التّكليفي وحينئذ فالنّهي فيها لا يقتضي الفساد وسيأتي الكلام تفصيلا إن شاء الله فالحاصل أنّ الفساد في العبادة المنهي عنها لشرطها مستند إلى أحد وجوه منها كون النّهي إرشادا إلى المانعيّة وهذا في صورة تقييد النّهي بالعبادة ومنها كونه موجبا لتقييد العبادة المطلوبة بالشرط المباح لا الحرام ومنها كونه موجبا لرفع دليل صحة الشّرط فيبقى على أصالة الفساد فيفسد العبادة لفقد الشّرط ومنها لزوم اجتماع الأمر والنّهي في بعض الموارد نحو الصّلاة مع السّاتر المغصوب لأنّ الحركات الرّكوعيّة والسّجوديّة تتحد مع الغصب حينئذ فإن تم أحد الوجوه ثبت الفساد وإلاّ فلا وأمّا المعاملات فالنّهي الوارد فيها على أقسام أحدها أن يتعلق بالمعاملة لا من حيث إنّها معاملة بل من حيث إنّها فعل من الأفعال كالنّهي عن البيع في وقت النّداء من حيث إنّه تفويت للجمعة وعن البيع مع الأجنبيّة من حيث إنّه تكلم معها ونحو ذلك ولا ريب في عدم اقتضائه الفساد والثّاني أن يتعلق النّهي بالمعاملة من جهة مبغوضيّة أثرها كالنّهي عن بيع المسلم من الكافر فإنّ الغرض من النّهي مبغوضيّة تملّك الكافر للمسلم فإن قلنا إنّ المعاملات أسباب واقعيّة لم يكن وجه للفساد بل النّهي حينئذ يدل على الصّحة لأنّ مقتضى أصالة الحقيقة حمل النّهي على التّحريم والمفروض أنّ الحرمة غيريّة بمعنى أنّ البيع أنّما حرم لئلا يلزم المبغوض فلو لم يكن البيع في مثل ذلك مؤثرا لم يكن التّحريم مفيدا لشيء وهذا نظير قولك لا تضرب زيدا بالسّيف لئلا يلزم قتله المبغوض إلاّ أن يحمل النّهي على الإرشاد إلى عدم السّببيّة الواقعيّة وهو خلاف الأصل وإن قلنا إنّها أسباب شرعيّة أمكن أن يقال إنّ جعل الشّارع شيئا مؤثرا في خصوص مبغوضه خلاف اللّطف كما ذكره بعضهم في المنهي عنه لذاته من أنّ جعل الشّيء المبغوض سببا مؤثرا قبيح وحينئذ فيكون هذا قرينة على حمل النّهي على الإرشاد وفيه أنّ اللّطف أنّما يلزم خلافه لو لم يكن السّبب محرما وأمّا مع فرض حرمته فلا يلزم نقض الغرض لاحتمال وجود الحكم في جعل السّببيّة له كما جعل الله تعالى السّيف سببا للقتل مع أنّه مبغوض له في بعض المواضع ومن هنا حكم جمع بفساد بيع المسلم بل الكافر لا من تلك الجهة بل من جهة قوله تعالى ولن يجعل الله للكافرين