قرينة على تقييد الأمر فهو من قبيل الثّاني وأمّا إذا شك في ذلك كقوله لا تصل في الدّار المغصوبة فهل الأصل كونه من قبيل الأوّل أو الثّاني فقيل إنّ الأصل حمل النّهي على التّحريم لأنّه موضوع له ولا وجه للعدول عنه إلى الإرشاد وأصالة حمل اللّفظ على المعنى الحقيقي سليم عن المعارض وما يقال من وجود الحرمة البدعيّة في صورة الحمل على الإرشاد فلا يلزم التّجوز فاسد لأنّ ثبوت الحرمة البدعيّة متفرع على إخراج النّهي عن ظاهره بإرادة الإرشاد لا أنّ النّهي مستعمل فيها حتى لا يلزم التّجوز هذا ويمكن أن يقال إنّ المنهي عنه إذا كان أخص من المأمور به مطلقا كان النّهي ناظرا في نظر العرف إلى رفع الإذن المستفاد من الأمر في الإتيان بأي فرد كان في مقام الامتثال وأنه يحصل به الامتثال كالأمر الوارد عقيب الحظر ومحض وقوعه عقيب الأمر قرينة على إرادة الإرشاد عرفا فلا يبقى لأصالة الحقيقة مجرى مع وجود القرينة وأمّا لو تعلق النّهي بأمر مفارق للعبادة غير متحد معها مع تقييد النّهي بها فنقول إن استفيد من النّهي كون ذلك الأمر مانعا فلا ريب في الفساد وإن استفيد منه محض التّحريم فلا ريب في عدمه إذ ليس التّحريم حينئذ موجبا لاجتماع الأمر والنّهي إنّما الشّأن في استفادة أحد الأمرين من النّهي فنقول إن ورد النّهي صريحا على ذلك الأمر مقيدا كان ظاهرا في بيان المانعيّة كأن يقال لا تكتّف في الصّلاة لأنّ بناء الشّارع غالبا على بيان الموانع بالنّهي فيحمل على الغالب وإلاّ بأن استفيد النّهي من العمومات كاستفادة النّهي عن ترك التّكتّف من حكمهم بوجوب التّقيّة وحرمة تركها فلا يستفاد المانعيّة فلا وجه للفساد حينئذ ولذا حكم جماعة بالصّحة لو ترك التّكتّف في حال التّقيّة وأمّا العبادة المنهي عنها لحرمة الشّرط فإن كان الشّرط عبادة اقتضى النّهي فيه الفساد فيفسد العمل لفقد الشّرط وإن كان معاملة قيل بعدم الفساد لأنّ الشّرط لا يفسد بالنّهي فلا وجه لفساد العمل والأولى أن يقال إنّه لو تعلق النّهي بالعبادة مقيدة بذلك الشّرط اقتضى الفساد كأن يقول لا تصل مع السّاتر المغصوب لأنّه من قبيل المنهي عنه لوصفه ولو تعلق النّهي بأصل الشّرط فإن اعتبر تقييده بالعبادة اقتضى الفساد كأن يقول لا تلبس الحرير في الصّلاة لظهور النّهي في الإرشاد إلى مانعيّة ذلك كما مر وإن لم يعتبر التّقييد كأن يقول لا تلبس لباس النّساء فهذا محل الإشكال والظّاهر فيه أيضا هو الفساد سواء قلنا باستفادة المانعيّة من النّهي أو التّحريم أمّا على الأول فظاهر وأمّا على الثّاني فلأنّ الشّرط قيد في المشروط فطلب المشروط طلب للشرط إذ الكلام في شرائط وجود الواجب المطلق وحينئذ فالسّاتر الّذي هو شرط للصّلاة يكون مطلوبا في ضمن الأمر بالصّلاة ويكون قيدا للمطلوب وإذا كان بعض أفراده حراما لم يكن مطلوبا فيكون الصّلاة المطلوبة من الرّجال هي الصّلاة المشروطة أي المقيدة بالسّاتر الّذي لا يكون لباس النّساء فإذا لبس لباس النّساء في الصّلاة لم يأت بالعبادة المطلوبة والقول بأن السّتر واجب توصلي يسقط بالحرام يحتاج إلى الدّليل إذ ليس كل واجب توصلي مما يسقط بالحرام فإنّ أداء الدّين