لزوم اتحادهما فقد عرفت فساده وإن أراد بناء العمل فيهما بنحو لا يلزم التّكليف بما لا يطاق فإذا كان أحدهما واجبا لم يكن الآخر حراما بل يكون مباحا مثلا فهو كلام متين ونظيره ما قيل إنّ الواجب إن انحصر مقدمته في المحرم لم يبق بحاله بل إمّا يرتفع الوجوب منه أو ترتفع الحرمة من المقدمة وإلاّ لزم التّكليف بالمحال ولعل هذا مراد المفصل بقرينة ما اختاره في الصّور السّتّ الباقية من جواز الاختلاف فيها فإنّ معناه عدم جواز الاختلاف في الصّور الأربع لا إثبات الاتحاد فافهم السّادسة ربما يظهر من بعضهم تخصيص محل النّزاع بما إذا كان المأمور به واجبا مضيقا كأداء الدّين والضّد واجبا موسعا كالصّلاة وذكر في وجهه أنّ الضّد لو لم يكن مأمورا به لكان فاسدا من جهة عدم الأمر ولم يكن حاجة إلى البحث عن تعلق النّهي به فإنّ ثمرة المسألة فساد الضّد وهو ثابت في المقام وإن لم يقتض الأمر النّهي عن الضّد وأيضا لو لم يكن الأوّل مضيقا والثّاني موسعا فإمّا أن يكونا موسعين أو مضيقين وكلاهما خارجان عن محل النّزاع أمّا الأوّل فلعدم حرمة التّرك قبل ضيق الوقت حتى يحرم أضداده الخاصة ويتبع الفساد للحرمة وأمّا الثّاني فلعدم إمكان تعلق الأمر بهما على وجه اليقين فإنّه تكليف بما لا يطاق فإمّا يحكم بالتّخيير أو بتقديم الأهم وعلى الأوّل لا معنى للنهي عنه لكونه مخيرا في فعله وعلى الثّاني لا وجه لصحة غير الأهم لعدم تعلق الأمر به ولا حاجة إلى التّمسك في نفي الصّحة بتعلق النّهي وإنّما يثمر النّهي فيما يكون صحيحا لو لا النّهي وفيه نظر إذ لا وجه لتخصيص النّزاع بالصّورة المفروضة لإطلاق كلام القوم وأمّا ما ذكره من ظهور الثّمرة فيها دون غيرها ففيه أوّلا أنّه لا يقتضي اختصاص النّزاع بها إذ لا مانع من وقوع النّزاع في مسألة كليّة لظهور الثّمرة في بعض جزئيّاتها وثانيا النّقض بما إذا كان الضّد من المعاملات فلا يتصور الفساد بالمعنى المذكور فيها وهو عدم موافقة الأمر إذا الصّحة في المعاملات هي ترتب الأثر وحينئذ فيثمر تعلق النّهي بها الفساد بالمعنى المذكور إن قلنا بأنّ النّهي يقتضي الفساد في المعاملات أيضا وثالثا منع انحصار الثّمرة فيما يكون صحيحا لو لا النّهي لأن من الثّمرات عدم جواز أخذ الأجرة على الضّد وإن كان من الأفعال المباحة قبل النّهي فلا يجوز أخذ الأجرة على الخياطة عند اشتغال الذّمة بأداء الدّين على القول بالاقتضاء ويجوز على القول بالعدم وكذا عدم صحة المندوبات وصحتها عند اشتغال الذّمة بالمضيّق يترتب على القولين ورابعا أنّ الفساد إن كان بمقتضى الأصل لم يعارض الدّليل الدّال على الصّحة بخلاف المستفاد من النّهي المدلول عليه بالأمر فالقول بتحقق الفساد بالوجه الثّاني يثمر ما لم يثمره الفساد بالوجه الأوّل وخامسا منع عدم جريان الثّمرة في الموسعين والمضيقين أمّا الأوّل فلأنّ النّهي المستفاد عن الأمر إنّما هو على حد الوجوب المستفاد منه فكما أنّ الوجوب في الموسّع إنّما يعلق بالفعل في مجموع الوقت فكذلك المنهي عنه هو ما يضاد الفعل في مجموع الوقت وذلك بأن يشتغل بالضد في آخر الوقت أو في أوّل الوقت مع العلم بعدم تمكنه من الفعل بعده فالنّهي يتعلق في أوّل الوقت بما يضاد الفعل المطلوب في مجموع الوقت فلو تلبس بالضد في مجموع الوقت عوقب على تلبسه به في المجموع لا أنّ النّهي إنّما يتعلق في آخر الوقت بالضد ويكون معاقبا على تلبسه بالتّرك في الجزء الأخير حتى يرجع إلى ما ذكروه من الواجب المضيّق وأمّا الثّاني فلأنّ