لا سبق بينهما وبالجملة فالتّقدم والتّأخّر بالنّسبة إلى فعل أحد الضّدين وترك الآخر غير ظاهر وكذا بالنّسبة إلى علتها وهي إرادة أحدهما وعدم إرادة الآخر فإنّهما أيضا متقارنان والكلام فيهما هو الكلام في نفس الضّدين لأن إرادة أحد الضّدين ضد لإرادة الآخر وأمّا إذا لاحظنا علة العلة وهو الدّاعي ففيه صورتان إحداهما أن يوجد الدّاعي لأحدهما دون الآخر فالدّاعي وعدمه حينئذ متقارنان لا يظهر بينهما سبق والثّانية أن يكون الدّاعي موجودا لكل منهما ولكن يغلب داعي أحدهما على الآخر فيكون إرادة هذا وعدم إرادة ذلك متقارنين لكونهما معلولين لعلة واحدة وهي الغلبة ولا يتصور السّبق بين معلولي علة واحدة وأمّا ما يقال من أنّ الغلبة علة لعدم إرادة ضد المأمور به ومجموع الغلبة وعدم الإرادة علة لإرادة المأمور به فعدم إرادة الضّد مقدم على إرادة المأمور به فهو مصادرة ظاهرة فإن قلت الغالبيّة من مقولة الإضافة ومقابلها المغلوبيّة كالأبوة والبنوّة والإرادة مستندة إلى الأول وعدمها إلى الثّاني فلم يتحد العلة حتى لا يتصور السّبق قلت قد صرح أهل المعقول بأنّ المتضايفين متكافئان في الوجود لا ترتب بينهما وإن كان بين ذاتيهما ترتب كالأب والابن لكن التّضايف ليس بين الذّاتين بل بين الوصفين ولا ترتب بينهما هذا إن قلنا بأنّ الإضافة تتعدد بتعدد الموصوف كما هو التّحقيق لامتناع قيام العرض الواحد بمحلين ككون الجسم الواحد في مكانين وأمّا إن قلنا بعدم تعددها وأن المتضايفين أمر واحد بالذّات له نسبتان مختلفتان يتعدد بمجرد الاعتبار بحسبهما فلا وقع للسؤال أصلا لاتحاد العلة حينئذ وبالجملة فلا دليل على أن ترك الضّد سابق على فعل الضّد الآخر إن لم يكن دليل على نفيه ويمكن الاستدلال على منع المقدميّة بوجه آخر وبيانه أنّ عدم المقدمة مؤثر في عدم ذي المقدمة ووجودها في وجوده ومن الضّروريّات أنّ عدم الأثر لا يؤثر في عدم المؤثر وكذا وجوده في وجوده بل هو كاشف عنه وحينئذ فلو كان ترك الصّلاة مقدمة لفعل الأداء لكان ترك ذلك التّرك وهو فعل الصّلاة مؤثرا في ترك الأداء فيكون ترك الأداء من آثار الصّلاة فلا يكون مقدمة لها وإلاّ لزم كون الأثر مؤثرا وكذا نقول في العكس ترك الأداء لو كان مقدمة لفعل الصّلاة لكان ترك ذلك التّرك وهو فعل الأداء مؤثرا في ترك الصّلاة فيكون ترك الصّلاة من آثار الأداء فلا يكون مقدمة له وجعل ترك أحد الضّدين مقدمة لفعل الآخر دون ترك الضّد الآخر لفعل الأول ترجيح بلا مرجح فتأمل الخامسة اختلفوا في جواز اختلاف المتلازمين في الحكم وعدمه على أقوال ثالثها تفصيل المعالم بين ما لو كان أحدهما علة والآخر معلولا أو كانا معلولي علة واحدة فمنعه وبين غيرهما فجوزه ورابعها التّفصيل كشريف العلماء بين ما إذا لم يلزم من اختلافهما التّكليف بما لا يطاق فجوزه وبين ما إذا لزم ذلك فمنعه وأوضحه بأن التّخالف