بوجوب المقدمة لأنّ الاستلزام بين الشّيئين إمّا بالعليّة والمعلوليّة أو بالاشتراك في العلة وكيف كان ما أثبته بين فعل المأمور به وترك الضّد فهو بعينه ثابت بين ترك المقدمة وترك الواجب وترك الواجب حرام فيكون ترك المقدمة حراما وهو معنى وجوبها نعم لا حرج في القول بوجوب المقدمة دون الاقتضاء المذكور كما ذكره فالأولى أن يقال إنّ المسألتين مختلفان بالحيثيّة فالكلام هناك إنّما هو في أنّ توقف المطلوب على شيء هل هو من المصالح المقتضية لطلب ذلك الشّيء أو لا وهنا في أنّ استلزام فعل الضّد لترك المأمور به هل يقتضي حرمته أو لا مع قطع النّظر عن المقدميّة أو أنّ الكلام هنا إنّما هو في الصّغرى وأنّ ترك الضّد هل هو مقدمة أو لا فتأمل الرّابعة المشهور أنّ ترك كل من الضّدين مقدمة لفعل الآخر نظرا إلى ما ثبت عندهم من أنّ وجود الشّيء يتوقف على ثبوت المقتضي وفقد المانع والضّد من جملة الموانع فإنّ الضّدين متمانعان وأنكره سلطان العلماء مدعيا أنّهما من المقارنات ولا توقف أصلا إذ لو كان فعل الضّد موقوفا على ترك الآخر لكان ترك الضّد موقوفا على فعل الآخر بطريق أولى فيلزم الدّور واستدل له بوجهين أحدهما أن فعل الضّد يستلزم ترك الضّد الآخر بخلاف ترك الضّد فإنّه لا يستلزم فعل الضّد الآخر لجواز خلوّ الشّخص عنهما معا وما يستلزم الشّيء أولى بالمقدميّة له مما لا يستلزمه والثّاني أن من المحقق أنّه إذا تركب علة الشّيء من أجزاء متعددة كان ترك كل جزء علة تامة لانتفائه فإذا كان ترك الضّد من أجزاء العلة التّامة لفعل الضّد الآخر لأنّه معنى المقدمة لكان ترك ذلك التّرك علة تامة لترك ذلك الضّد وترك التّرك عين الفعل والعلة التّامة أولى بالمقدميّة من الشّرط الّذي هو ترك الضّد وأجيب عن الأوّل بأن الاستلزام غير التّوقف والمناط في المقدميّة هو الثّاني لا الأول وهو غير موجود بالنّسبة إلى فعل الضّد لعدم توقف ترك أحد الضّدين على فعل الآخر وعن الثّاني بأن انتفاء المعلول مستند إلى سبق أجزاء العلة انتفاء وهو الإرادة فانتفاء أداء الدّين ليس مستندا إلى ترك ترك الصّلاة وهو فعل الصّلاة بل هو مستند إلى انتفاء إرادته لأنّ انتفاء إرادة أداء الدّين إمّا متقدم على إرادة الصّلاة أو مساوق لها وإرادة الصّلاة متقدمة عليها أو المساوق أو المتقدم على المتقدم متقدم والتّحقيق أنّ مدعى السّلطان رحمهالله حق وإن كان دليله فاسدا كما علم وذلك لأنّ المناط والمعتبر في المقدميّة أمران السّبق على ذي المقدمة والمدخليّة في وجوده فمع انتفاء أحدهما ينتفي المقدميّة ومن هذا القبيل ترك الضّد لتقارنه مع الضّد الآخر في الوجود وليس سابقا عليه ومجرد التّضاد بينهما لا يوجب السّبق ألا ترى أن أهل المعقول صرحوا بأنّ فساد الصّورة النّوعيّة الزّائلة عن المادة مقارن لوجود الأخرى بمعنى أنّ كلا منهما مقارن للأخرى مع أنّهما ضدان وكذا حال الفصلين المتواردين على الجنس فانعدام فصل وحدوث الآخر متقارنان