الإجمال إذا الكلام في مصداق الفرد وأنّه الفرد الأوّل أو الثّاني وهكذا لا تعدده ووحدته والجواب أن الظّاهر من قوله إن جاء زيد فأكرمه أن طبيعة المجيء علة لا في ضمن جميع أفراده بل هي بنفسها علة الطّبيعة وجوب الإكرام فإذا تحقق الفرد الأوّل أثر في طبيعة وجوب الإكرام فإذا تحقق الفرد الثّاني لم يكن له محل يؤثر فيه الطّبيعة الموجودة فيه لأنّ طبيعة الإكرام ليست قابلة لوجوبين وقد سبق الإشارة إلى ذلك في مسألة تداخل الأسباب فتأمل جدا
أصل اختلفوا في أن المراد من الأمر هو الفور أو التّراخي
أو أنّه متشرك بينهما لفظا والمراد الطّبيعة أو الوقف على أقوال والمراد بالتّراخي في المقام هو جواز التّراخي لا تعينه إذ لا قائل به وكذا القائل بالاشتراك بقول بين تعين الفور وجواز التّراخي وعلى هذا فالفرق بين القول بإرادة الماهيّة وبين القول بجواز التّراخي أنّ جواز التّراخي في الأوّل إنّما هو بحكم العقل حيث لم يقبل المطلوب بشيء منهما بخلافه في الثّاني فإنّه مدلول للأمر ويظهر الثّمرة فيما لو قيده بالفور فقال افعل فورا فعلى القول بالوضع للماهيّة ليس مجازا بل هو تقييد بخلاف القول الثّاني لأن الموضوع له عنده طلب الفعل على وجه يجوز معه التّراخي فلو عين الفور فقد استعمله في غير الموضوع له ثم إن تحقيق المقام يتوقف على بيان أمور الأوّل محل النّزاع في كلامهم غير تحرر والّذي يحتمل كونه محل النّزاع أمور ثلاثة أحدها أن يكون النّزاع في الموضوع له ثانيها أن يكون النّزاع في الظّاهر العرفي ثالثها أن يكون النّزاع في أن أوامر الشّرع هل تحمل على الفور لأدلة مقامة كقوله تعالى فاستبقوا الخيرات ونحوه أو لا والأدلّة الّتي أقاموها في المسألة مختلفة يناسب بعضها كلا من هذه المقامات ويجب التّكلم في كل من هذه المقامات ليظهر الحق في الجميع الثّاني اختلف في معنى الفور في المسألة فقيل أنّه عبارة عن ثاني زمان الطّلب عرفا وقيل إنّه أول أزمنة الإمكان عرفا وهذا أعم من الأوّل وقيل إنّه التّعجيل عرفا فلا ينافي فصل بعض الأفعال الجزئيّة وقيل إنّه الاشتغال بالمقدمات والتّهيّؤ للعمل بعد الأمر ولو تأخر أصل العمل لكثرة مقدماته ويختلف تأخيره بالنسبة إلى التّكاليف نظرا إلى قلة مقدماته وكثرتها وربما ذكر وجه خامس وهو عدم التّأخير إلى حد يوجب التّهاون وهو فاسد إذ ليس ذلك معنى الفور بل هو تحديد لجواز التّراخي لا للفور مع أنّه فاسد في أصله لعدم صيرورة التّأخير سببا للتّهاون أبدا لفرض جوازه نعم ربما يكشف التّأخير عن التّهاون كترك جميع المستحبات وهو حينئذ فذلك التّهاون حرام لا أنّ الكاشف عنه أيضا حرام وإلاّ لزم وجوب المستحبات تخييرا وهو باطل جزما الثّالث القول بالفور محتمل لوجوه ثلاثة أحدها أن يكون الفوريّة قيدا للطلب بحيث لو فات الفوريّة سقط التّكليف وثانيها أن يكون تكليفا مستقلا بحيث لو فات بقي التّكليف